للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(في مجالسنا وارجع) بالواو ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ارجع (إلى رحلك) بالحاء المهملة منزلك (فمن جاءك منا فاقصص عليه. قال ابن رواحة): ولأبي الوقت قال عبد الله بن رواحة (اغشنا) بالغين والشين المفتوحة المعجمتين أي باشرنا به يا رسول الله (في مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود) لذلك (حتى هموا) قصدوا (أن يتواثبوا) بالمثلثة بعدها موحدة يتحاربوا ويتضاربوا (فلم يزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخفضهم) يسكتهم (حتى سكتوا ثم ركب) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (دابته) فسار (حتى دخل على سعد بن عبادة) لعيادته (فقال):

(أي سعد ألم تسمع ما) ولأبي ذر: إلى ما (قال أبو حباب): بضم المهملة وتخفيف الموحدة (يريد) عليه الصلاة والسلام (عبد الله بن أبي قال: كذا وكذا. قال) سعد: (اعف عنه يا رسول الله واصفح فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك) من الرسالة (ولقد اصطلح أهل هذه البحرة) بفتح الموحدة وسكون المهملة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي البحيرة بضم الموحدة وفتح المهملة القرية والعرب تسمي القرى البحار وقال الجوهري: البحرة دون الوادي والمراد طيبة (على أن يتوّجوه) أي عبد الله بن أبي بتاج الملك (فيعصبونه) بالفاء والنون ولأبي ذر فيعصبوه (بالعصابة) حقيقة أو كناية عن جعله ملكًا وهما ملازمان للملكية (فلما ردّ الله ذلك) الذي اصطلحوا عليه (بالحق الذي أعطاك شرق) بفتح المعجمة وكسر الراء غص ابن أبي (بذلك) الحق (فذلك) الحق الذي (فعل به ما رأيت) من فعله (فعفا عنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الحديث.

وسبق بأتمّ من هذا قريبًا، والغرض منه قوله: أنه مرّ في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود وأنه سلم عليهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يرد أنه خصّ المسلمين باللفظ ففيه أنه يسلم بلفظ التعميم ويقصد به المسلم، وقد اختلف في حكم ابتداء الكافر بالسلام هل يمنع منه، ففي مسلم من حديث أبي هريرة: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطرق، وفي النسائي عن أبي بصرة الغفاري بفتح الموحدة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إني راكب غدًا إلى يهود فلا تبدؤوهم بالسلام" وقال: يجوز ابتداؤهم به لما عند الطبري من طريق ابن عيينة قال: يجوز ابتداء الكافر بالسلام لقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين} [الممتحنة: ٨] وقول إبراهيم لأبيه: سلام عليك، والمعتمد الأول وأن النهي للتحريم.

وأجيب: بأنه ليس المراد بسلام إبراهيم على أبيه التحية بل المتاركة والمباعدة وقال ابن كثير: هو كما قال الله تعالى في صفة المؤمنين {إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} [الفرقان: ٦٣] فمعنى قول إبراهيم لأبيه سلام عليك أي أمان فلا ينالك مني مكروه ولا أذى وذلك لحرمة الأبوّة اهـ.

لكن المراد منع ابتدائهم بالسلام المشروع فلو سلّم عليهم بلفظ يقتضي خروجهم عنه كأن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فسائغ كما كتب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى هرقل: سلام على من

اتّبع الهدى، ونقل ابن العربي عن مالك إذا ابتدأ شخصًا بالسلام وهو يظنه مسلمًا فبان كافرًا قال ابن عمر: يسترد منه سلامه، وقال مالك: لا، قال ابن العربي: لأن الاسترداد حينئذ لا فائدة له لأنه لم يحصل له منه شيء لكونه قصد السلام على المسلم، وقال غيره: له فائدة وهي إعلام الكافر بانه ليس أهلاً للابتداء بالسلام.

وحديث الباب سبق في الأدب وغيره.

٢١ - باب مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا وَلَمْ يَرُدَّ سَلَامَهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ الْعَاصِى؟

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَا تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الْخَمْرِ.

(باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا) اكتسبه (ومن لم يرد سلامه) وهو مذهب الجمهور.

نعم إن خاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلم كذا قال النووي، قال ابن العربي: وينوي أن السلام اسم من أسماء الله فكأنه قال: الله رقيب عليهم وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح وفحش القول فلا يرد على أحد سلامه (حتى تتبين توبته) تأديبًا له (وإلى متى تتبين توبة العاصي) المعتمد أن ذلك ليس فيه حدّ محدود وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>