للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للتوسعة على المقبلين أو انهضوا عن مجلس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أمرتم بالنهوض عنه أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير ({فانشروا}) [المجادلة: ١١] فانهضوا في المجلس للتفسح لأن مزيد التوسعة على الواردين يقع إلى فوق فيتسع الموضع أمروا أوّلاً بالتفسح ثم ثانيًا بامتثال الأمر فيه (الآية). وبقيتها {يرفع الله الذين آمنوا منكم} [المجادلة: ١١] أي بامتثال أوأمره وأوامر رسوله {والذين أوتوا العلم} [المجادلة: ١١] أي والعالمين منهم خاصة {درجات والله بما تعملون خبير} [المجادلة: ١١].

قال صاحب الانتصاف: وقع في الجزاء رفع الدرجات مناسبة للعمل لأن المأمور به تفسيح المجالس لئلا يتنافسوا في القرب من المكان المرتفع بحلول الرسول فيه، فالمفسح حابس لنفسه عما يتنافس فيه من الرفعة تواضعًا فجوزي بالرفعة لقوله: من تواضع لله رفعه الله، ثم لما علم أن أهل العلم يستوجبون رفع المجلس خصهم بالذكر ليسهل عليهم ترك ما لهم من الرفعة في المجلس تواضعًا لله يريد أنه من باب ملائكته وجبريل، وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال: يا أيها الناس افهموا هذه الآية لترغبكم في العلم، وسقط من قوله يفسح الله لكم إلى آخرها لأبي ذر.

٦٢٧٠ - حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يُجْلِسَ مَكَانَهُ.

وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان السلمي الكوفي نزيل مكة قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبيد الله) بضم العين هو العمري (عن نافع عن ابن عمر) -رضي الله عنهما- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه نهى) نهي تحريم (أن يقام الرجل من مجلسه) إذا كان في موضع مباح (ويجلس فيه آخر ولكن تفسحوا وتوسعوا) هو عطف تفسير، وعند ابن مردويه من رواية قبيصة عن سفيان ولكن ليقل افسحوا وتوسعوا قال في الكواكب: وتفسحوا أمر فكيف يكون الأمر استدراكًا من

الخبر؟ وأجاب: بأنه يقدر لفظ قال بعد لكن أو يقال نهى أن يقيم في تقدير لا يقيمن، ويحتمل أن لا يكون من تتمة الحديث فهو من كلام ابن عمر اهـ.

وأشار مسلم إلى أن قوله ولكن ليقل تفرد بها عبيد الله عن نافع وأن مالكًا والليث وأيوب وابن جريج رووه عن نافع بدونها وأن ابن جريج زاد قلت لنافع في الجمعة: قال: وفي غيرها.

(وكان ابن عمر) -رضي الله عنهما- بالسند السابق (يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه) بضم التحتية مصححًا عليها في الفرع كأصله وكسر اللام من يجلس. قال ابن حجر الحافظ في روايتنا بالفتح، وضبطه أبو جعفر الغرناطي بالضم على وزن يقام، وفي الأدب المفرد عن قبيصة عن الثوري، وكان ابن عمر إذا قام له الرجل من مجلسه لم يجلس فيه وهذا محمول من ابن عمر على الورع لاحتمال أن يكون الذي قام لأجله استحى منه فقام عن غير طيب قلب فسدّ الباب ليسلم من هذا.

٣٣ - باب مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ أَوْ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ لِيَقُومَ النَّاسُ

(باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه أو تهيّأ للقيام ليقوم الناس).

٦٢٧١ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِى يَذْكُرُ عَنْ أَبِى مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، قَالَ: فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ، قَامَ مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ، وَبَقِىَ ثَلَاثَةٌ وَإِنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ لِيَدْخُلَ، فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا قَالَ: فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَرْخَى الْحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} -إِلَى قَوْلِهِ- {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: ٥٣].

وبه قال (حدّثنا الحسن بن عمر) بن شقيق البصري قال: (حدّثنا معتمر) قال: (سمعت أبي) سليمان بن طرخان البصري (يذكر عن أبي مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي لاحق بن حميد السدوسي البصري (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: لما تزوج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (جحش دعا الناس طعموا) بكسر العين من وليمته (ثم جلسوا يتحدثون قال) أنس: (فأخذ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (كأنه يتهيّأ للقيام) ليقوموا استحياء أن يقول لهم ذلك (فلم يقوموا فلما رأى ذلك) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قام فلما قام قام من قام معه من الناس وبقي ثلاتة وإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاء ليدخل فإذا القوم جلوس ثم إنهم قاموا فانطلقوا قال) أنس: (فجئت فأخبرت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل) حجرته قال أنس: (فذهبت أدخل) معه (فأرخى

الحجاب بيني وبينه وأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} [الأحزاب: ٥٣] إلى قوله {إن ذلكم كان عند الله عظيمًا} [الأحزاب: ٥٣] أي ذنبًا عظيمًا، وفيه أنه لا ينبغي لأحد أن يطيل الجلوس بعد قضاء حاجته التي دخل لها، ولصاحب الدار أن يظهر له أن يقوم من عنده ويظهر التثاقل به.

والحديث سبق قريبًا في باب

<<  <  ج: ص:  >  >>