للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الروايات في تعيين الوقت على ستة الثلث الأخير كما هنا أو الثلث الأوّل أو الإطلاق فيحمل المطلق على المقيد، والذي بأوان كان للشك المجزوم به مقدم على المشكوك فيه وإن كان للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان والأوقات باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم أو يكون النزول يقع في الثلث الأول والقول يقع في النصف وفي الثلث الثاني أو أنه يقع في جميع الأوقات التي وردت به، ويحمل على أنه أعلم بأحدها في وقت فأخبر به ثم الآخر فأخبر به فنقلت الصحابة ذلك عنه.

(يقول) ولأبي ذر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له) فأجيب دعاءه (من يسألني فأعطيه)

سؤاله (من يستغفرني فأغفر له) ذنوبه وقوله فأستجيب وفأعطيه وفأغفر نصب على جواب الاستفهام ويجوز الرفع على تقدير مبتدأ أي فأنا أغفر فأنا أستجيب فأنا أعطيه، وفي الحديث أن الدعاء في هذا الوقت مجاب ولا يعكر عليه تخلفه عن بعض الداعين، فقد يكون لخلل في شرط من شروط الدعاء كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس أو لاستعجال الداعي أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد أو لأمر يريده الله تعالى.

والحديث سبق في باب التهجد ويأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته في كتاب التوحيد.

١٥ - باب الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخَلَاءِ

(باب الدعاء عند) إرادة دخول (الخلاء) وهو بفتح الخاء المعجمة ممدودًا وأصله المكان الخالي كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة ثم غلب في الكنيف.

٦٣٢٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) بن البرند قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد العزيز بن صهيب) البناني الأعمى (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال: كان النبي إذا دخل الخلاء) أراد دخوله (قال):

(اللهم إني أعوذ بك) أستجير بك والباء في بك للإلصاق وهو إلصاق معنوي لأنه لا يلتصق شيء بالله ولا بصفاته لكنه التصاق تخصيص كأنه خص الرب سبحانه بالاستعاذة (من الخبث والخبائث) بضم الموحدة وبالمثلثة فيهما يريد ذكران الشياطين وإناثهم، ويروى بسكون الموحدة. وذكر الخطابي التسكين في أغاليط المحدثين ويراد به الكفر والخبائث الشياطين، وقيل الخبث الشياطين والخبائث البول والغائط استعاذ من شر الأوّل وضرر الآخرين. وقال التوربشتي: الخبث ساكن الباء مصدر خبث الشيء يخبث خبثًا، وفي إيراد الخطابي هذا اللفظ في جملة الألفاظ التي يرويها الرواة ملحونة نظر لأن الخبث إذ جمع يجوز أن تسكن الباء للتخفيف كما يفعل في سبل وسبل ونظائرها من المجموع، وهذا الباب مستفيض في كلامهم غير نادر ولا يسمع من أحد مخالفته إلا أن يزعم أن ترك التخفيف فيه أولى لئلا يشتبه بالخبث الذي هو المصدر ومن للتبعيض والتقدير من كيدهم وشرهم أو للابتداء إذا فسرا بذكور الجن وإناثهم وخص الخلاء لأن الشياطين تحضر الأخلية لأنه يهجر فيها ذكر الله تعالى واستعاذته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لإظهار العبودية وتعليم الأمة وإلا فهو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- معصوم من ذلك كله. والحديث سبق في الطهارة.

١٦ - باب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ

(باب ما يقول) الشخص (إذا أصبح).

٦٣٢٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ خَلَقْتَنِى، وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِى، فَاغْفِرْ لِى فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِى فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ».

وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالسين بعدها دالان مهملتان ابن مسرهد قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي وفتح الراء أبو معاوية البصري قال: (حدّثنا حسين) بضم الحاء وفتح السين ابن ذكوان المعلم البصري قال: (حدّثنا عبد الله بن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء (عن بشير بن كعب) بضم الموحدة وفتح الشين المعجمة العدوي (عن شداد بن أوس) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(سيد الاستغفار) أي أفضله وأعظمه نفعًا (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك) الذي عاهدتك عليه (ووعدك) الذي واعدتك من الإِيمان بك والإِخلاص (ما استطعت أبوء) أعترف (لك بنعمتك وأبوء) أعترف (لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب

<<  <  ج: ص:  >  >>