للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الثناء بذكر الرب ليناسب كشف الكرب لأنه مقتضى التربية ووصف الرب تعالى بالعظمة والحلم وهما صفتان مستلزمتان لكمال القدرة والرحمة والإحسان والتجاوز ووصفه بكمال ربوبيته الشاملة للعالم العلوي والسفلي، والعرش الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وحلمه يستلزم كمال رحمته وإحسانه إلى خلقه فعلم القلب ومعرفته بذلك يوجب محبته وإجلاله وتوحيده فيحصل له من الابتهاج واللذة والسرور ما يدفع عنه ألم الكرب والهم والغم، فإذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذه الأوصاف التي تضمنها هذا الحديث وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق وخروج القلب منه إلى سعة البهجة والسرور، وإنما يصدق هذه الأمور من أشرقت فيه أنوارها وباشر قلبه حقائقها أشار إليه في زاد المعاد. وقال في الكواكب فإن قلت: هذا ذكر لا دعاء. قلت: هو ذكر يستفتح به الدعاء بكشف كربه وعن سفيان بن عيينة أما علمت أن الله قال: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

ومن دعوات الكرب ما رواه أبو داود وصححه ابن حبان عن أبي بكرة رفعه: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. ومنها الله الله ربي لا أشرك به شيئًا رواه أصحاب السنن إلا الترمذي من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب". ولابن أبي الدنيا كتاب الفرج عند الشدة فائق في معناه.

(وقال وهب): بفتح الواو وسكون الهاء وللمستملي وهيب بضم الواو وفتح الهاء لكن قال أبو ذر الهروي: الصواب وهب يعني بفتح الواو وهو وهب بن جرير بن حازم قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) السدوسي (مثله) أي مثل الحديث السابق، وأشار المؤلّف بهذا التعليق إلى رد قول القائل إن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث حديث يونس بن متى، وحديث ابن عمر في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون لأن شعبة ما كان يحدث عن أحد من المدلسين إلا بما يكون ذلك المدلس قد سمعه من شيخه وقد حدث شعبة بهذا الحديث عن قتادة فانتفت ريبة تدليس قتادة في هذا الحديث حيث رواه بالعنعنة، لا سيما وقد أخرجه مسلم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أبا العالية حدثه فصرح بسماعه له منه.

٢٨ - باب التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ

(باب التعوّذ) بالله (من جهد البلاء) بفتح الجيم وضمها.

٦٣٤٧ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِى سُمَىٌّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ

الأَعْدَاءِ. قَالَ سُفْيَانُ: الْحَدِيثُ ثَلَاثٌ زِدْتُ أَنَا وَاحِدَةً لَا أَدْرِى أَيَّتُهُنَّ هِىَ.

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدثني) بالإفراد (سمي) بضم السين وفتح الميم وتشديد التحتية مولى أبي بكر بن عبد الرَّحمن (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعوّذ) تعبدًا وتواضعًا وتعليمًا لأمته (من جهد البلاء) بفتح الموحدة مع المد ويجوز الكسر مع القصر وهو الحالة التي يمتحن بها الإنسان وتشق عليه بحيث يتمنى فيها الموت ويختاره عليها وعن ابن عمر جهد البلاء قلة المال وكثرة العيال (و) من (درك الشقاء) بفتح الدال والراء المهملتين وقد تسكن الراء اللحاق والوصول إلى الشيء والشقاء بالشين المعجمة والقاف الهلاك وقد يطلق على السبب المؤدي إلى الهلاك (و) من (سوء القضاء) ما يسوء الإنسان ويوقعه في المكروه ولفظ السوء ينصرف إلى المقضي عليه دون القضاء وهو كما قال النووي شامل للسوء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل وقد يكون في الخاتمة أسأل الله تعالى العافية وأسأله بوجاهة وجهه الكريم أن يختم لي وللمسلمين بخاتمة الحسنى ويرفعنا إلى المحل الأسنى بمنه وكرمه (و) من (شماتة الأعداء) وهي فرح العدو ببلية تنزل بمن يعاديه.

(قال سفيان) بن عيينة بالسند السابق: (الحديث) مذكور فيه (ثلاث زدت أنا واحدة) من قبل نفسي (لا أدري أيتهن هي) وقد أخرج الإسماعيلي

<<  <  ج: ص:  >  >>