للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج يومًا فصلّى على أهل) وقعة (أُحد) الذين استشهدوا بها (صلاته على الميت) أي دعا لهم بدعاء صلاة الميت بعد ثمان سنين (ثم انصرف إلى المنبر) كالمودّع للأحياء والأموات (فقال):

(إني فرطكم) ولأبي ذر فرط لكم بفتح الفاء والراء على الروايتين سابقكم إلى الحوض أهيئه لكم لأن الفارط هو الذي يتقدم الوارد ليصلح له الحياض والدلاء والأرشية وغيرها من أمور الاستقاء (أنا شهيد عليكم) بأعمالكم (وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن) نظرًا حقيقيًا بطريق الكشف (وإني قد أعطيت مفاتيح) بالتحتية بعد الفوقية ولأبي ذر مفاتح (خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض) يريد ما فتح على أمته من الملك والخزائن بعده والشك من الراوي (وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا) بالله (بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فبها) أي في الدنيا ولأبي ذر عن الكشميهني: ولكن أخاف بحذف التحتية من لكني.

والحديث سبق في الجنائز في باب الصلاة على الشهيد.

٦٤٢٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ» قِيلَ: وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ؟ قَالَ: «زَهْرَةُ الدُّنْيَا» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِى الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ فَقَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ»؟ قَالَ أَنَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ قَالَ: «لَا يَأْتِى الْخَيْرُ إِلَاّ بِالْخَيْرِ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَاّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِى حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ الَّذِى يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ».

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن زيد بن أسلم) الفقيه العمري (عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد) ولأبي ذر زيادة الخدري -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله) عز وجل بضم الياء من الإِخراج (لكم من بركات الأرض قيل): يا رسول الله (وما بركات الأرض؟ قال: زهرة الدنيا) بفتح الزاي وسكون الهاء وزاد هلال وزينتها وهو عطف تفسيري والزهرة مأخوذة من زهرة الشجرة وهو نورها بفتح النون والمراد ما فيها من أنواع المتاع والعين والنبات والزرع وغيرها مما يغتر الناس بحسنه مع قلة بقائه (فقال له رجل): لم أعرف اسمه (هل يأتي الخير الشر)؟ أي هل تصير النعمة عقوبة لأن زهرة الدنيا نعمة من الله فهل تعود هذه النعمة نقمة والاستفهام للإرشاد (فصمت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى ظننا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي حتى ظننت (أنه ينزل عليه) الوحي (ثم جعل يمسح عن جبينه) العرق من ثقل الوحي (فقال) عليه الصلاة والسلام: (أين السائل؟ قال: أنا) يا رسول الله (قال أبو سعيد) الخدري: (لقد حمدناه) أي حمدنا الرجل (حين طلع ذلك) أي ظهر ولأبي ذر عن الكشميهني اطلع لذلك وفي رواية هلال وكأنه حمده وظاهره أنهم لاموه أولاً حيث رأوا سكوت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فظنوا أنه أغضبه ثم حمدوه لما رأوا مسألته سببًا لاستفادة ما قاله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا يأتي الخير إلا بالخير) وإنما يعرض له الشر بعارض البخل به عمن يستحقه والإسراف في إنفاقه فيما لم يشرع (إن هذا المال خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي الحياة بالمال أو المعيشة به خضرة في المنظر (حلوة) في الذوق أو المراد التشبيه أي المال كالبقلة الخضرة الحلوة أو أنث باعتبار ما يشتمل عليه المال من زهرة الدنيا أو المراد بالمال هنا الدنيا لأنه من زينتها كما قال تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} [الكهف: ٤٦] (وإن كل ما أنبت الربيع) أي الجدول وهو النهر الصغير وإسناد الإنبات إليه مجاز إذ المنبت حقيقة هو الله تعالى (يقتل حبطًا) بفتح الحاء المهملة والموحدة والطاء المهملة المنوّنة انتفاخ بطن من كثرة الأكل يقال حبطت الدابة تحبط حبطًا إذا أصابت مرعى طيبًا فأمعنت في الأكل حتى تنتفخ فتموت (أو يلم) بضم التحتية وكسر اللام وتشديد الميم يقرب من الهلاك

والمعنى يقتل أو يقارب القتل (إلا) بتشديد اللام (آكلة الخضرة) من بهيمة الأنعام وشبه بها لأنها التي ألف المخاطبون أحوالها في سومها ورعيها وما يعرض لها من البشم وغيره وآكلة بمد الهمزة وكسر الكاف والخضرة بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين ضرب من الكلإ تحبه الماشية وتستلذ منه فتستكثر منه. قال في المصابيح: إن الاستثناء منقطع أي لكن آكلة الخضرة لا يقتلها أكل الخضرة ولم يلم بقتلها وإنما قلنا إنه منقطع لفوات شرط الاتصال ضرورة كون الأول غير شامل

<<  <  ج: ص:  >  >>