للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث ميمونة إذا سجد لو شاءت بهيمة أن تمرّ بين يديه لمرّت والحكمة فيه أنه أشبه بالتواضع وأبلغ فى تمكين الجبهة من الأرض وأبعد من هيئات الكسالى، وأما المرأة فتضمّ بعضها إلى بعض لأنه أستر لها وأحوط وكذا الخنثى (وقال الليث) بن سعد مما وصله مسلم في صحيحه وهو عطف على بكر (حدّثني) بالإفراد (جعفر بن ربيعة نحوه) أي نحو حديث بكر، لكنه رواه بالحديث وبكر بالعنعنة.

ورواة هذا الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه في صفة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومسلم والنسائي في الصلاة.

ولما فرغ المؤلّف رحمه الله تعالى من بيان أحكام ستر العورة شرع في بيان استقبال القبلة لأن الذي يريد الشروع في الصلاة يحتاج أولاً إلى ستر العورة، ثم إلى استقبال القبلة وما يتبعها من أحكام المساجد فقال:

٢٨ - باب فَضْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَة ِيَسْتَقْبِلُ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ

قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

(باب فضل استقبال القبلة يستقبل) المصلّي (بأطراف رجليه القبلة) ولأبي ذر عن الكشميهني يستقبل القبلة بأطراف رجليه أي برؤوس أصابعهما نحو القبلة (قاله) في الفروع قال أبو حميد من غير هاء (أبو حميد) عبد الرحمن بن سعد الساعدي المدني الأنصاري (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في صفة صلاته عليه الصلاة والسلام كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وسقط في رواية الأصيلي وابن عساكر من قوله: يستقبل إلى آخر قوله وسلم.

٣٩١ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَهْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ». [الحديث ٣٩١ - طرفاه في: ٣٩٢، ٣٩٣].

وبالسند قال: (حدّثنا عمرو بن عباس) بفتح العين فيهما وتشديد الموحدة في الثاني الأهوازي البصري (قال: حدّثنا ابن المهدي) بفتح الميم وكسر الدال مع التعريف ابن حسان البصري اللؤلؤي، وللأصيلي وابن عساكر: حدّثنا ابن مهدي (قال: حدّثنا منصور بن سعد) بسكون العين البصري (عن ميمون بن سياه) بكسر السين المهملة وتخفيف المثناة التحتية وبعد الألف هاء منوّنة أو غير مصروف للعلمية والمعجمة وردّ بأنه غير علم في العجم ومعناه بالفارسية الأسود (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (قال):

(قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَن صلّى صلاتنا) أي من صلّى صلاة كصلاتنا المتضمنة للإقرار بالشهادتين، (واستقبل قبلتنا) المخصوصة بنا (وأكل ذبيحتنا) وإنما أفرد ذكر استقبال القبلة تعظيمًا لشأنها، وإلاّ فهو داخل في الصلاة لكونه من شروطها أو عطفه على الصلاة لأن اليهود لما تحوّلت القبلة شنّعوا بقولهم ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها وهم الذين يمتنعون من أكل ذبيحتنا أي صلّى صلاتنا وترك المنازعة في أمر القبلة، والامتناع عن أكل الذبيحة فهو من باب عطف الخاص على العامّ، فلما ذكر الصلاة عطف ما كان الكلام (فيه وما هو مهتم بشأنه عليها (فذلك) مبتدأ خبره (المسلم له ذمة الله) بكسر الذال المعجمة مرفوع أخبره له والموصول صفة المسلم والجملة صلته (وذمة رسوله) ولأبي ذر وذمة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي أمان الله ورسوله أو عهدهما (فلا تخفروا) بضم المثناة الفوقية وإسكان المعجمة وكسر الفاء أي لا تخونوا (الله) أي ولا رسوله (في ذمته) أي ذمة الله أو ذمة المسلم أي لا تخونوا في تضييع مَن هذا سبيله، يقال: خفرت الرجل إذا حميته وأخفرته إذا نقضت عهده، والهمزة فيه للسلب أي أزلت خفارته كأشكيته إذا أزلت شكواه، واكتفى بذكر الله وحده دون ذكر الرسول لاستلزامه عدم إخفار ذمّة الرسول وإنما كره أوّلاً للتأكيد.

واستنبط من هذا الحديث اشتراط استقبال عين الكعبة لصلاة القادر عليه، فلا تصح الصلاة بدونه إجماعًا بخلاف العاجز عنه كمريض لا يجد من يوجهه إلى القبلة ومربوط على خشبة فيصلّي على حاله ويعيد، ويعتبر الاستقبال بالصدر لا بالوجه أيضًا لأن الالتفات به لا يبطل. نعم لا يشترط الاستقبال في شدة الخوف ونفل السفر والفرض استقبال عين الكعبة يقينًا لمن بمكة وظنًّا لمن هو غائب عنها، فلا يكفي إصابة الجهة لحديث الصحيحين أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركع ركعتين قبل الكعبة وقال: هذه القبلة، وقبل بضم القاف والباء ويجوز إسكانها ومعناه مقابلها أو ما استقبلك منها وعند عامة الحنفية فرض الغائب عن مكة استقبال جهة الكعبة لا عينها.

ورواة هذا الحديث الخمسة بصريون، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>