للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبوي ذر والوقت زيادة الليثي (عن أبي أيوب) خالد بن زيد (الأنصاري) رضي الله عنه.

(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إذا أتيتم الغائط) اسم للأرض المطمئنة لقضاء الحاجة (فلا تستقبلوا القبلة

ولا تستدبروها) احترامًا لها وتعظيمًا، وهل هو من جهة خروج الخارج المستقذر أو من جهة كشف العورة، فيه خلاف مبني على جواز الوطء مستقبل القبلة مع كشف العورة، فمن علل بالخارج أباح ومن علل بالعورة منع، (ولكن شرقوا أو غربوا) مخصوص بأهل المدينة لأنهم المخاطبون، ويلحق بهم من كان على سمتهم ممن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها. (قال أبو أيوب) الأنصاري (فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض) بفتح الميم وكسر الحاء المهملة والضاد المعجمة جمع مرحاض بكسر الميم (بنيت) لقضاء حاجة الإنسان (قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي مقابل (القبلة فننحرف) عن جهة القبلة من الانحراف، وفي رواية فنتحرف (ونستغفر الله تعالى) لمن بناها، فإن الاستغفار للمؤمنين سنة أو من الاستقبال، ولعل أبا أيوب رضي الله عنه لم يبلغه حديث ابن عمر في ذلك أو لم يره مخصصًا، وحمل ما رواه على العموم.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في الطهارة.

ثم عطف المؤلّف على قوله حدّثنا سفيان قوله: (وعن الزهري) بالإسناد المذكور (عن عطاء) أي ابن يزيد (قال):

(سمعت أبا أيوب) الأنصاري (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) أي مثل الحديث السابق، والحاصل أن سفيان حدّث به عليًّا مرّتين: مرة صرح بتحديث الزهري له وفيه عنعنة عطاء، ومرة أتى بالعنعنة عن الزهري وبتصريح عطاء بالسماع.

٣٠ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]

(باب قوله تعالى: {واتخذوا} بكسر الخاء على الأمر أي وقلنا لهم: اتخذوا {من مقام إبراهيم مصلّى} [البقرة: ١٢٥] مدّعى يدعى عنده، وقال البرماوي موضع صلاة. وتعقب بأنه لا يصلى فيه بل عنده، ويترجح القول الأول بأنه جار على المعنى اللغوي والغرض البيت لا المقام لأن مَن صلّى إلى الكعبة لغير جهة المقام فقد أدّى فرضه، والأمر في: واتخذوا للاستحباب كما لا يخفى، ومقام إبراهيم هو الحجر الذي فيه أثر قدمه. وقال مجاهد: المراد بمقام إبراهيم الحرم كله، وقرأ نافع وابن عامر {واتّخذوا} بفتح الخاء بلفظ الماضي عطفًا على جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا واتخذوا.

٣٩٥ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ الْعُمْرَةَ وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. [الحديث ٤٩٥ - أطرافه في: ١٦٢٣، ١٦٢٧، ١٦٤٥، ١٦٤٧، ١٧٩٣].

وبالسند قال: (حدّثنا الحميدي) بضم الحاء وفتح الميم عبد الله بن الزبير القرشي المكّي (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا عمرو بن دينار) بفتح العين المكي (قال):

(سألنا عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (عن رجل طاف بالبيت العمرة) بالنصب للمستملي والحموي أي طواف العمرة ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وللأربعة للعمرة بلام الجر أي لأجل العمرة (ولم يطف) أي لم يسع (بين الصفا والمروة أيأتي) أي هل حلّ من إحرامه حتى يجوز له أن يجامع (امرأته) ويفعل غير ذلك من محرمات الإحرام أم لا؟ (فقال) عبد الله بن عمر مجيبًا له: (قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فطاف بالبيت سبعًا، وصلّى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة، وقد

كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة) فأجاب ابن عمر بالإشارة إلى وجوب اتباعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لا سيما وقد قال عليه الصلاة والسلام: (خذوا عني مناسككم).

٣٩٦ - وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لَا يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. [الحديث ٣٩٦ - أطرافه في: ١٦٢٤، ١٦٤٦، ١٧٩٤].

قال عمر بن دينار: (وسألنا جابر بن عبد الله) الأنصاري عن ذلك (فقال) (لا يقربنّها) جملة فعلية مؤكدة بالنون الثقيلة (حتى يطوف بين الصفا والمروة) فأجاب بصريح النهي. ومباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في الحج.

ورواة هذا الحديث الثلاثة مكيّون، وفيه التحديث والسؤال وهو من مسند ابن عمر لا من مسند جابر لأنه لم يرفعه وأخرجه المؤلّف في الحج وكذا مسلم والنسائي وابن ماجة.

٣٩٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَيْفٍ -يعني ابن سليمان- قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ: "أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْكَعْبَةَ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلَالاً قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلَالاً فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ". [الحديث ٣٩٧ - أطرافه في: ٤٦٨، ٥٠٤، ٥٠٥، ٥٠٦، ١١٦٧، ١٥٩٨، ١٥٩٩، ٢٩٨٨، ٤٢٨٩، ٤٤٠٠].

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى) القطان (عن سيف) بفتح السين زاد ابن عساكر يعني ابن أبي سليمان كما في الفرع المخزومي المكّي (قال: سمعت مجاهدًا) الإمام المفسّر (قال):

(أُتي ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (فقيل له)

<<  <  ج: ص:  >  >>