للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يعرف الحافظ ابن حجر اسم هذا القائل (هذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل الكعبة. فقال ابن عمر: فأقبلت والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد خرج) من الكعبة (وأجد بلالاً) حال كونه (قائمًا بين البابين) أي مصراعي الباب، إذ لم يكن للكعبة يومئذ إلاّ باب. وفي رواية الحموي: بين الناس بالنون والسين المهملة بدل البابين.

قال في الفتح: وهي أوضح وعبّر بالمضارع في قوله وأجد حكاية عن الحال الماضية أو استحضارًا لتلك الصورة حتى كأن المخاطب يشاهدها، وإلاّ فكان المناسب للسياق أن يقول: ووجدت (فسألت بلالاً فقلت أصلى) بهمزة الاستفهام، ولأبي ذر والأصيلي صلّى بإسقاطها (النبي) وللأصيلي وحده رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكعبة، قال: نعم) صلّى (ركعتين بين الساريتين) تثنية سارية وهي الأسطوانة (اللتين على يساره) أي الداخل أو يسار البيت أو هو من الالتفات ولأبي ذر عن الكشميهني يسارك بالكاف وهي أنسب لقوله: (إذا دخلت ثم خرج) من البيت (فصلّى في وجه) مواجهة (الكعبة

ركعتين) عند مقام إبراهيم، وبذلك تحصل المطابقة لترجمة أو جهة الباب عمومًا، وقد أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت ومعه زيادة علم، فوجب ترجيح روايته على النافي كأسامة، وسبب نفيه اشتغاله بالدعاء في ناحية من نواحي البيت غير التي كان فيها الرسول مع غلق الباب وكان بلال قريبًا منه عليه الصلاة والسلام، فخفي على أسامة (لبعده واشتغاله ما شاهده بلال لقربه وجاز له النفي عملاً بالظن، أو أنه عليه الصلاة دخل البيت مرتين مرة صلّى ومرة دعا ولم يصلّ.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكّي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه أيضًا في الحج والصلاة والجهاد ومسلم في الحج وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة.

٣٩٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ». [الحديث ٣٩٨ - أطرافه في: ١٦٠١، ٣٣٥١، ٣٣٥٢، ٤٢٨٨].

وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) نسبة إلى جدّه لشهرته به وإلاّ فأبوه إبراهيم السعدي (قال: حدّثنا عبد الرزّاق) بن همام (قال: أخبرنا) وللأصيلي وأبي الوقت حدّثنا (ابن جريح) نسبة إلى جدّه لشهرته به واسمه عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما (قال):

(لما دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت دعا في نواحيه كلها) جمع ناحية وهي الجهة (ولم يصل) فيه (حتى

خرج منه) ورواية بلال المثبت أرجح من نفي ابن عباس هذا، لا سيما أن ابن عباس لم يدخل، وحينئذٍ فيكون مرسلاً لأنه أسنده عن غيره ممن دخل مع النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الكعبة فهو مرسل صحابيّ، (فلما خرج) عليه الصلاة والسلام منه (ركع) أي صلّى (ركعتين) فأطلق الجزء وأراد به الكل (في قبل الكعبة) وما استقبله منها وهو وجهها بضم القاف والموحدة وقد تسكن (وقال) عليه الصلاة والسلام (هذه) أي الكعبة هي (القبلة) التي استقر الأمر على استقبالها فلا تنسخ كما نسخ بيت المقدس أو علمهم بذلك سنة موقف الإمام في وجهها دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كان الكل جائزًا أو أن من حكم من شاهد البيت وجوب مواجهة عينه جزمًا بخلاف الغائب أو أن الذي أمرتم باستقباله ليس هو الحرم كله ولا مكة ولا المسجد حول الكعبة بل الكعبة نفسها.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين مدني وصنعاني ومكّي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع، وأخرجه مسلم في المناسك والنسائي.

٣١ - باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ».

(باب التوجه) في صلاة الفرض (نحو القبلة) أي جهتها (حيث كان) أي وجد المصلي في سفر أو حضر. (وقال أبو هريرة) رضي الله عنه مما وصله المؤلّف في الاستئذان من جملة حديث المسيء صلاته (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: استقبل القبلة) حيث كنت (وكبّر) بكسر الباء الموحدة فيهما على الأمر وكبر بالواو، وللأربعة فكبر، وفي رواية الأصيلي: قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استقبل فكبّر بالميم وفتح الموحدة فيهما.

٣٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ -أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ- شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ -وَهُمُ الْيَهُودُ- {مَا وَلَاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) بتخفيف الجيم الغداني بضم الغين المعجمة (قال: حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي

<<  <  ج: ص:  >  >>