للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبين الترجمة كما لا يخفى، فالظاهر كما قاله في الكواكب أن الترجمة مقلوبة إذ القدر هو الذي يلقي بالحقيقة إلى النذر كما في الحديث، فكان الأولى أن يقول يلقيه القدر بالقاف إلى النذر بالنون ليطابق الحديث. وأجاب بأنهما صادقان إذ الذي يلقي بالحقيقة هو القدر وهو الموصل، وبالظاهر هو النذر، نعم في رواية الكشميهني في متن الحديث مما ذكره في الفتح يلقيه النذر بالنون والذال المعجمة وبها تحصل المطابقة ونسبة الإلقاء إلى النذر مجازية وسوّغ ذلك كونه سببًا إلى الإلقاء فنسب الإلقاء إليه (وقد قدرته له أستخرج) بلفظ المتكلم من المضارع (به من البخيل) الباء في به باء الآلة قاله ابن فرحون في إعراب العمدة والحديث من أفراده.

٧ - باب لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ

(باب) بغير تنوين في الفرع كأصله للإضافة إلى قوله (لا حول ولا قوّة إلا بالله) وقال في الفتح: بالتنوين.

٦٦١٠ - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى غَزَاةٍ، فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلَا نَعْلُو شَرَفًا، وَلَا نَهْبِطُ فِى وَادٍ إِلَاّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ قَالَ: فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِىَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ».

وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن مقاتل أبو الحسن) الكسائي نزيل بغداد ثم مكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا خالد الحذاء) بالحاء المهملة والذال المعجمة (عن أبي عثمان) عبد الرَّحمن بن مل (النهدي) بفتح النون وسكون الهاء (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أنه (قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزاة) هي غزوة خيبر كما سبق في المغازي (فجعلنا لا نصعد شرفًا) بفتح الشين المعجمة والراء والفاء موضعًا عاليًا (ولا نعلو شرفًا ولا نهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير قال) أبو موسى (فدنا) أي قرب (منا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):

(يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم) بهمزة وصل وفتح الموحدة وضم العين المهملة ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم (فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا). قال الكرماني وتبعه العيني: أصمًّا ولعله باعتبار التناسب وأطلق على التنكير دعاء لأنه بمعنى النداء إذ الذاكر يريد إسماع من ذكره والشهادة له (إنما تدعون سميعًا بصيرًا ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي موسى: (يا عبد الله بن قيس ألا) بالتخفيف (أعلمك كلمة) من باب إطلاق الكلمة على الكلام (هي من كنوز الجنة) أي من ذخائر الجنة وقال النووي أي إن قولها يحصل ثوابًا نفيسًا يدخر لصاحبه في الجنة (لا حول ولا قوّة إلا بالله) أي لا تحوّل للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوّة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله فهي كما قال النووي كلمة استسلام وتفويض يشير إلى أن العبد لا يملك لنفسه شيئًا وأنه لا قدرة له على دفع ضرر ولا قوّة له على جلب خير إلا بقدر الله تعالى وإرادته.

والحديث أخرجه في آخر كتاب الدعوات.

٨ - باب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ

عَاصِمٌ: مَانِعٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: سُدًا عَنِ الْحَقِّ يَتَرَدَّدُونَ فِى الضَّلَالَةِ. دَسَّاهَا: أَغْوَاهَا.

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (المعصوم من عصم الله) بإسقاط ضمير المفعول (عاصم) في قوله تعالى {لا عاصم اليوم} [هود: ٤٣] أي (مانع) كذا فسره عكرمة فيما أخرجه الطبري من طريق الحكم بن أبان عنه.

(قال مجاهد): هو ابن جبر (سدّا) بألف بعد الدال المنوّنة أي من غير تشديد في الفرع كأصله وقال في الفتح بالتشديد والألف أي (عن الحق يترددون في الضلالة) وهذا وصله ابن أبي حاتم من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه في قوله تعالى {وجعلنا من بين أيديهم سدّا} [يس: ٩] قال: عن الحق، ووصله عبد بن حميد من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى {وجعلنا من بين أيديهم سدًّا} قال: عن الحق وقد يترددون، ورأيته في بعض النسخ سدي بتحتية بعد الدال مخففًا وعليها شرح الكرماني قال في الفتح: فزعم الكرماني أنه وقع هنا أيحسب الإنسان أن يترك سدى أي مهملاً مترددًا في الضلالة ولم أر في شيء من نسخ البخاري إلا اللفظ الذي أوردته ولم أر في شيء من التفاسير التي تساق بالأسانيد لمجاهد في قوله {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} [القيامة: ٣٦] كلامًا ولم أر في قوله في الضلالة في شيء من المنقول بالسند عن مجاهد اهـ.

وتعقبه العينى فقال: هذا الكلام ينقض آخره أوله لأنه قال أولاً: ورأيته في بعض نسخ البخاري سدى بتخفيف الدال ثم قال: ولم أر في شيء من نسخ البخاري إلا الذي أوردته، ومع هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>