للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإنه لم يطلع على جميع النسخ إذ لم يطلع إلا على النسخ التي في مدينته، وأما النسخ

التي في كرمان وبلخ وخراسان فلا وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن الذي نفى رؤيته قول الكرماني قوله وقال: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} [القيامة: ٣٦] أي مهملاً مترددًا في الضلالة، وأما الذي ذكر أنه رآه في بعض النسخ فهو مجرد لفظ سدي بالتخفيف وبالتحتية آخره فأين التناقض.

{دساها} من قوله تعالى: {وقد خاب من دساها} [الشمس: ١٠] قال مجاهد فيما رواه الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه (أغواها) قال:

وأنت الذي دسست عمرًا فأصبحت ... حلائله منه أرامل ضيعا

وأصلها دسسها من التدسيس فكثرت الأمثال فأبدل من ثالثها حرف علة والتدسية الإخفاء يعني أخفى الفجور، وقال ابن الأعرابي {وقد خاب من دساها} أي دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم.

٦٦١١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَاّ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ». [الحديث ٦٦١١ - طرفه في: ٧١٩٨].

وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: حدثني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(ما استخلف) بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام (خليفة إلا له بطانتان بطانة) بكسر بطانة فيهما اسم جنس يشمل الواحد والجماعة وبطانة الرجل خاصته الذين يباطنهم في الأمور ولا يظهر غيرهم عليها مشتقة من البطن والباطن دون الظاهر، وهذا كما استعاروا الشعار والدثار في ذلك ويقال بطن فلان بفلان بطونا وبطانة وقال:

أولئك خلصاني نعم وبطانتي ... وهم عيبتي من دون كل قريب

فبطانة (تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه) بضم الحاء المهملة والضاد المعجمة (والمعصوم من عصم الله) بإسقاط ضمير المفعول أي من عصمه الله بأن حماه من الوقوع في الهلاك أو ما يجر إليه.

والحدث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأحكام والنسائي في البيعة والسير.

٩ - باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: ٩٥]

{أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَاّ مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦].

{وَلَا يَلِدُوا إِلَاّ فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧].

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ.

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى ({وحرام}) ولأبوي الوقت وذر وابن عساكر وحرم بكسر الحاء وسكون الراء وهي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي وهما لغتان كالحل والحلال وَزْنًا وضده معنى أي وممتنع ({على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}) قال في الكشاف: استعير الحرام الممتنع وجوده، ومنه قوله تعالى {إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: ٥٥] أي منعهما منهم وأبى أن يكونا لهم، ومعنى أهلكناها عزمنا على إهلاكها أو قدرنا إهلاكها، ومعنى الرجوع الرجوع من الكفر إلى الإسلام والإنابة، ومجاز الآية أن قومًا عزم الله على إهلاكهم غير متصوّر أن يرجعوا وينيبوا إلى أن تقوم القيامة فحينئذٍ يرجعون اهـ.

والظاهر كما قال بعضهم: إن المعنى وحرام على قرية أهلكناها عدم رجوعهم إلينا في القيامة، فتكون الآية واردة في تقرير أمر البعث والتفخيم لشأنه وهذا يتعين المصير إليه لأوجه:

أحدها: أنه ليس فيه مخالفة للأصول بخلاف غيره مما يدعى فيه زيادة لا وكونه في طائفة مخصوصة وكون حرام معنى ممتنع أو بمعنى واجب كما قيل في قوله:

وإن حرامًا لا أرى الدهر باكيًا ... على شجره إلا بكيت على عمرو

الثاني: أن سياق الآية قبلها وبعدها وارد في أمر البعث وهو قوله {كل إلينا راجعون} [الأنبياء: ٩٣] وقوله: حتى إذا فتحت.

الثالث: أن حملها على الرجوع إلى الدنيا لا كبير فائدة فإنه معلوم عند المخاطبين من الموافقين والمخالفين وحملها على الرجوع إلى القيامة أكثر فائدة فإن الكفار ينكرونه فأكد وفخم تهديدًا لهم وزجرًا وقوله تعالى في سورة هود: ({إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}) [هود: ٣٦] إقناط من إيمانهم وأنه غير متوقع، وقوله تعالى: ({ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا}) [نوح: ٢٧] إلا من بلغ فجر وكفر وإنما قال ذلك لأن الله أخبره إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ودخول ذلك في أبواب

<<  <  ج: ص:  >  >>