للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلت: الخطاب إما أن يكون للمؤمنين خاصة أو عامًّا فإن كان الأول فليس ثمة ما يوجب تقليل الضحك وتكثير البكاء لأن المؤمن وإن دخل النار فعاقبته الجنة لا محالة مخلدًا فيها فمدة ما يوجب البكاء بالنسبة إلى ما يوجب الضحك والسرور نسبة شيء يسير إلى شيء لا يتناهى، وذلك يوجب العكس، وإن كان الثاني فليس للكافر ما يوجب الضحك أصلاً. أجيب: بأن الخطاب للمؤمنين وخرج في مقام ترجيح الخوف على الرجاء إخافة على الخاتمة.

والحديث سبق في الرقاق.

٦٦٣٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ، حَدَّثَنِى أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، إِلَاّ مِنْ نَفْسِى فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ: «لَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الآنَ يَا عُمَرُ».

وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي قال: (حدثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (حيوة) بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة آخره هاء تأنيث ابن شريح قال: (حدثني) بالإفراد (أبو عقيل) بفتح العين وكسر القاف (زهرة بن معبد) بضم الزاي وسكون الهاء بعدها راء مفتوحة ومعبد بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة (أنه سمع جده عبد الله بن هشام) -رضي الله عنه- القرشي التيمي له ولأبيه صحبة. قال البغوي: سكن المدينة (قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (فقال له عمر: يا رسول الله) والله (لأنت أحب إليّ) بتشديد الياء واللام لتأكيد القسم المقدر (من كل شيء إلا من نفسي) ذكر حبه لنفسه بحسب الطبع (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له: لا) يكمل إيمانك (والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عمر) -رضي الله عنه- لما علم أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو السبب في نجاة نفسه من الهلكات (فإنه الآن والله) يا رسول الله (لأنت أحب إليّ من نفسي) فأخبر بما اقتضاه الاختيار بسبب توسط الأسباب (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له: (الآن) عرفت فنطقت بما يجب عليك (ياعمر).

وهذا الحديث ذكره في مناقب عمر بعين هذا السند لكنه اقتصر منه على قوله: وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقط، وهو مما انفرد البخاري بإخراجه.

٦٦٣٣ و ٦٦٣٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الآخَرُ وَهْوَ أَفْقَهُهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِى أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ: «تَكَلَّمْ» قَالَ: إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَسِيفُ: الأَجِيرُ، زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ، ثُمَّ إِنِّى سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّ مَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ» وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأُمِرَ أُنَيْسٌ الأَسْلَمِىُّ أَنْ يَأْتِىَ امْرَأَةَ الآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) هو الإمام الأعظم (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون الفوقية وفتح الموحدة (ابن مسعود عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (وزيد بن خالد) الجهني المدني من مشاهير الصحابة -رضي الله عنه- (أنهما أخبراه أن رجلين) لم يسميا (اختصما إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله) تعالى (وقال الآخر وهو أفقههما) جملة معترضة لا محل لها من الإعراب وإنما كان أفقه لحسن أدبه باستئذانه أوّلاً أو أفقه في هذه القصة لوصفها على وجهها أو كان أكثر فقهًا في ذاته (أجل) بفتح الهمزة والجيم وسكون اللام مخففة أي نعم (يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله) عز وجل (وائذن لي أن أتكلم قال) له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(تكلم) بما في نفسك (قال: إن ابني كان عسيفًا) بالعين المفتوحة والسين المكسورة المهملتين وبعد التحتية الساكنة فاء فعيل بمعنى مفعول (على هذا) وعلى بمعنى اللام أي أجيرًا لهذا أو بمعنى عند أي أجيرًا عند هذا أو أجيرًا على خدمة هذا فحذف المضاف (قال مالك) الإمام -رحمه الله- (والعسيف الأجير، زنى بامرأته فأخبروني) أي العلماء (أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وجارية) فمن للبدلية زاد أبو ذر عن الكشميهني لي (ثم إني سألت أهل العلم) كان يفتي في الزمن النبوي الخلفاء الأربعة وأبي ومعاذ وزيد بن ثابت الأنصاريون فيما ذكره العذري بلاغًا (فأخبروني أن ما على ابني) ما موصول بمعنى الذي والصلة على ابني أي الذي استقرّ على ابني (جلد مائة وتغريب عام) أي ولاء لمسافة القصر لأن المقصود إيحاشه بالبعد عن الأهل والوطن (وإنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (أما) بتخفيف الميم وهي ساقطة للكشميهني (والذي) أي وحق الذي (نفسي بيده) فالذي مع صلته وعائده مقسم به وجواب القسم (لأقضين بينهما

<<  <  ج: ص:  >  >>