للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصنعاني أخو وهب أنه (سمع أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(إذا قام أحدكم إلى الصلاة) أي شرع فيها (فلا يبصق) بالصاد والجزم على النهي (أمامه) بفتح الهمزة قدامه (فإنما) وللكشميهني فإنه (يناجي الله) عز وجل (ما دام في مصلاه) ظاهره تخصيص المنع بحالة الصلاة، لكن التعليل بتأذّي المسلم يقتضي المنع مطلقًا ولو لم يكن في الصلاة، نعم هو في الصلاة أشد إثمًا مطلقًا، وفي جدار القبلة أشد إثمًا من غيرها من جدار المسجد (ولا) يبصق (عن يمينه فإن عن يمينه ملكًا) يكتب الحسنات لأن الصلاة هي أمها، فلا دخل لكاتب السيئات الكائن عن اليسار فيها، وأن لكل أحد قرينًا وموقفه يساره كما في الطبراني، فلعل المصلّي إذا تفل يقع على قرينه وهو الشيطان ولا يصيب الملك منه شيء (ويبصق عن يساره أو تحت قدمه) اليسرى في غير المسجد أما في المسجد ففي ثوبه لأنه قد قال إنه خطيئة فلم يأذن فيه فلو تعذّر في جهة اليسار لوجود مصل فيها بصق تحت قدمه وفي ثوبه (فيدفنها) بالرفع وهو الذي في الفرع خبرًا لمبتدأ محذوف أي فهو يدفنها، وبالنصب جواب الأمر، وبالجزم عطفًا على الأمر أي فيغيب البصقة بالتعميق في باطن أرض المسجد إذا كانت غير متنجسة بحيث يأمن الجالس عليها من الإيذاء، فلو كان المسجد غير ترابي فليدلكها بشيء حتى يذهب أثرها البتّة.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بخاري وصنعاني وبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة.

٣٩ - باب إِذَا بَدَرَهُ الْبُزَاقُ فَلْيَأْخُذْ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ

هذا (باب) بالتنوين (إذا بدره) أي غلب على المصلّي (البزاق) بالزاي لم يقدر على دفعه (فليأخذ بطرف ثوبه) وقد أنكر الشمس السروجي أن يقال بدره بل بدرت إليه وبادرته. وأجاب الزركشي والبرماوي والدماميني وابن حجر نصرة للمؤلّف بأنه من باب المغالبة أي بادر البزاق فبدره أي غلبه في السبق، قال الدماميني: وهذا غير منكر، وتعقب العيني ذلك على ابن حجر كعادته فقال: هذا كلام من لم يمس شيئًا من علم التصريف فإن في المغالبة يقال بادرني فبادرته، ولا يقال بادرت كذا فبدرني، والفعل اللازم في باب المغالبة يجعل متعديًا بلا حرف صلة يقال: كارمني فكرمته وليس هنا باب المغالبة حتى يقال بدره انتهى.

٤١٧ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، وَرُئِيَ مِنْهُ كَرَاهِيَةٌ -أَوْ رُئِيَ كَرَاهِيَتُهُ لِذَلِكَ وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِ- وَقَال:

«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ -أَوْ رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ- فَلَا يَبْزُقَنَّ فِي قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ». ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَزَقَ فِيهِ وَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا».

وبه قال: (حدّثنا مالك بن إسماعيل) النهدي الكوفي (قال: حدّثنا زهير) بالتصغير ابن معاوية الكوفي الجعفي (قال: حدّثنا حميد) الطويل (عن أنس) رضي الله عنه وللأصيلي عن أنس بن مالك:

(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى نخامة في القبلة) أي في جهة حائطها (فحكها بيده) بالكاف أي النخامة، وللأصيلي فحكه أي أثر النخامة أو البصاق، (ورئي) بضم الراء ثم همزة مكسورة ثم ياء مفتوحة، ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي، وريء بكسر الراء ثم ياء ساكنة ثم همزة مفتوحة (منه) عليه الصلاة والسلام (كراهية أو رئي) بضم الراء ثم همزة مكسورة فياء مفتوحة (كراهيته) عليه الصلاة والسلام (لذلك) أي الفعل والشك من الراوي وكراهية مرفوع برئي المبني للمفعول (وشدته عليه) رفع عطفًا على كراهية أو جر عطفًا على قوله لذلك. (وقال) عليه الصلاة والسلام: (إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه) بكلامه وذكره ويناجيه ربه بلازم ذلك من إرادة الخير، قال النووي: وهو إشارة لإخلاص القلب وحضوره وتفريغه لذكر الله تعالى (أو ربه) تعالى مبتدأ خبره (بينه وبين قبلته) والجملة عطف على الجملة الفعلية قبلها، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر في نسخة وبين القبلة، وليس المراد ظاهر ذلك إذ هو محال لتنزيه الرب تعالى عن المكان، فيجب تأويله بنحو ما مرّ في باب حك البزاق باليد (فلا يبزقن) أحدكم (في قبلته ولكن) يبزق (عن يساره أو تحت قدمه) اليسرى، (ثم أخذ) عليه الصلاة والسلام (طرف ردائه فبزق فيه) بالزاي (ورد بعضه على بعض، قال) عليه الصلاة والسلام، وللأصيلي وابن عساكر فقال: (أو يفعل هكذا).

فإن قلت: ليس في الحديث مطابقة للترجمة لأنه لم يذكر في الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>