للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجترئ) بالجيم والهمزة أي من يتجاسر (عليه) بطريق الإدلال (إلا أسامة) ولأبي ذر إلا أسامة بن زيد وأسامة بالرفع على الفاعلية فيحتاج إلى ضمير من جملة يجترئ يعود على من لأن من مبتدأ والخبر الجملة فلا بدّ من ضمير يعود على المبتدأ وهو الضمير المجرور والتقدير وأي شخص يجترئ كما يجترئ أسامة عليه، والمعنى لا يجترئ عليه منا أحد لمهابته ولما لا تأخذه في دين الله رأفة وما يجترئ عليه إلا أسامة وعليه يتعلق بيجترئ ونظير هذا التركيب هنا قوله تعالى {ومن يغفر الذنوب إلا الله} [آل عمران: ١٣٥] قال أبو البقاء: من مبتدأ ويغفر خبره وإلاّ الله فاعل يغفر أو بدل من المضمر فيه وهو الوجه لأنك إذا جعلت الله فاعلاً احتجت إلى تقدير ضمير أي ومن يغفر الذنوب غير الله، لكن قال في الدر: جعله الجلالة فاعلاً يقرب من الغلط فإن الاستفهام هنا لا

يراد به حقيقته إنما يراد به النفي، والوجه أن الجلالة بدل من الضمير ويصح أن يكون أسامة مرفوعًا على أنه بدل من فاعل يجترئ وهو وجه الإعراب كما قال أبو البقاء، ويجوز النصب على الاستثناء ووقع في حديث مسعود بن الأسود فجئنا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلنا نحن نفديها بأربعين أوقية فقال تطهر خير لها فلما سمعنا لين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتينا أسامة، وفي رواية يونس السابقة في الفتح ففزع قومها إلى أسامة، وفي رواية أيوب بن موسى في الشهادات فلم يجترئ أحد أن يكلمه إلا أسامة (حب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر الحاء المهملة أي محبوبه ويجري عليه إعراب أسامة إن كان مرفوعًا فنعته مرفوع وإن كان منصوبًا فنعته منصوب ويجوز البدل (فكلم) أسامة (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له:

(أتشفع) بهمزة الاستفهام وفيها معنى الإنكار والجملة معمولة للقول، وفي رواية يونس فكلمه فتلوّن وجه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أتشفع (في) ترك (حدّ من حدود الله ثم قام) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فخطب فقال: يا أيها الناس إنما ضلّ من قبلكم) وفي رواية أبي الوليد هلك وفي رواية سفيان عند النسائي إنما هلك بنو إسرائيل ولأبي ذر عن الكشميهني من كان قبلكم (إنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه) فلا يحدونه (وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد) قال ابن دقيق العيد الظاهر أن هذا الحصر ليس عامًّا فإنّ بني إسرائيل كانت فيهم أمور كثيرة تقتضي الإهلاك، فيحمل ذلك على حصر مخصوص وهو الإهلاك بسبب المحاباة في الحدود فلا ينحصر في حد السرقة (وأيم الله) مرفوع بالابتداء وخبره محذوف أي قسمي أو يميني أو لازم لي (لو أن فاطمة) -رضي الله عنها- (بنت محمد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (سرقت لقطع محمد يدها).

وعند ابن ماجة عن محمد بن رمح شيخه في هذا الحديث سمعت الليث يقول: عقب هذا الحديث قد أعاذها الله من أن تسرق، وكل مسلم ينبغي له أن يقول مثل هذا فينبغي أن لا يذكر هذا الحديث في الاستدلال ونحوه إلا بهذه الزيادة، ووقع للشافعي رحمة الله عليه أنه لما ذكر هذا الحديث قال: فذكر عضوًا شريفًا من امرأة شريفة فاستحسنوا ذلك منه لما فيه من الأدب البالغ، وفي قوله لقطع محمد يدها التجريد، وإنما خص -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاطمة بالذكر لأنها أعز أهله عنده فأراد المبالغة في تثبيت إقامة الحدّ على كل مكلف وترك المحاباة في ذلك ولأن اسم السارقة وافق اسمها -رضي الله عنها- فناسب أن يضرب المثل بها. وزاد في رواية يونس السابقة في غزوة الفتح ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها. وفي حديث ابن عمر عند النسائي: قم يا بلال فخذ بيدها فاقطعها وزاد أبو داود في تعليقه عن محمد بن عبد الرَّحمن فشهد عليها وزاد يونس أيضًا. قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد وتزوجت، وفي الحديث منع الشفاعة في الحدود وهو مقيد في الترجمة بما إذا رفع إلى السلطان، وفي مرسل حبيب بن أبي ثابت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأسامة لما شفع: "أتشفع في حدّ فإن الحدود إذا انتهت فليس لها مترك". وعند الدارقطني من حديث الزبير مرفوعًا اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي

<<  <  ج: ص:  >  >>