للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي يخلصونكم من الأيمان بأن تحلفوهم فإذا حلفوا انتهت الخصومة فلم يجب عليهم شيء وخلصتم أنتم من الأيمان وفيه البداءة بالمدعى عليهم (قالوا): يا رسول الله (لا نرضى بأيمان اليهود) وفي رواية يحيى أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم بأيمان خمسين منكم، فيحتمل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلب البيّنة أولاً فلم يكن لهم بيّنة فعرض عليهم الأيمان فامتنعوا فعرض عليهم تحليف المدعى عليهم فأبوا، وقد سقط من رواية حديث الباب تبدئة المدعين باليمين واشتملت رواية يحيى بن سعيد على زيادة من ثقة حافظ فوجب قبولها وهي تقضي على من لم يعرفها وإلى البداءة بالمدعين ذهب الشافعي وأحمد فإن أبوا ردت على المدعى عليهم وقال بعكسه

أهل الكوفة وكثير من البصرة (فكره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يبطل دمه) بضم أوله وكسر الطاء من أبطل أي كره أن يهدر دمه (فوداه) بلا همز مع التخفيف (مائة) وللكشميهني بمائة (من إبل الصدقة). وفي رواية يحيى بن سعيد من عنده فيحتمل أن يكون اشتراها من إبل الصدقة بمال دفعه من عنده، أو المراد بقوله من عنده أي من بيت المال المرصد للمصالح وأطلق عليه صدقة باعتبار الانتفاع به مجانًا لما في ذلك من قطع المنازعة وإصلاح ذات البين. قال أبو العباس القرطبي: ورواية من قال من عنده أصح من رواية من قال من إبل الصدقة، وقد قيل إنها غلط والأولى أن لا يغلط الراوي ما أمكن، فيحتمل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تسلف ذلك من إبل الصدقة ليدفعه من مال الفيء.

وفي الحديث مشروعية القسامة وبه أخذ كافة الأئمة والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة كمالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد، وعن طائفة التوقف في ذلك فلم يروا القسامة ولا أثبتوا فها في الشرع حكمًا وإليه نحا البخاري. قال العيني: ذكر الحديث مطابقًا لما قبله في عدم القود في القسامة وأن الحكم فيها مقصور على البيّنة واليمين كما في حديث الأشعث.

والحديث سبق في الصلح والجزية.

٦٨٩٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِىُّ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِى عُثْمَانَ، حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِى قِلَابَةَ، حَدَّثَنِى أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْمًا لِلنَّاسِ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِى الْقَسَامَةِ؟ قَالَ: نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ قَالَ لِى: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلَابَةَ؟ وَنَصَبَنِى لِلنَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قَالَ: "لَا" قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قَالَ: "لَا" قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدًا قَطُّ، إِلَاّ فِى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنِ الإِسْلَامِ. فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَ لَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطَعَ فِى السَّرَقِ، وَسَمَرَ الأَعْيُنَ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ، حَدَّثَنِى أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَايَعُوهُ عَلَى الإِسْلَامِ فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَفَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِى إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا». قَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا رَاعِىَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَ فِى آثَارِهِمْ فَأُدْرِكُوا فَجِىءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِى الشَّمْسِ، حَتَّى مَاتُوا قُلْتُ: وَأَىُّ شَىْءٍ أَشَدُّ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ؟ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ

فَقُلْتُ: أَتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثِى يَا عَنْبَسَةُ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَاللَّهِ لَا يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ فِى هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ فَخَرَجُوا بَعْدَهُ فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِى الدَّمِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «بِمَنْ تَظُنُّونَ أَوْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ؟» قَالُوا: نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: «اْنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنَ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ؟» فَقَالُوا: مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعِينَ ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ، قَالَ: «أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ؟» قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِىَ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَالَ يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قَالَ: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ، فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِى الْمَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا: فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى الْجَبَلِ فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمَاتُوا جَمِيعًا وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ، فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِى الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلاً ثُمَّ مَاتَ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلاً بِالْقَسَامَةِ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ.

وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي قال: (حدّثنا أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (إسماعيل بن إبراهيم) المشهور بابن علية اسم أمه (الأسدي) بفتح السين المهملة نسبة إلى بني أسد بن خزيمة قال: (حدّثنا الحجاج بن أبي عثمان) ميسرة أو سالم البصري المعروف بالصواف قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو رجاء) سلمان (من) موالي (آل أبي قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام عبد الله بن زيد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو قلابة) عبد الله (أن عمر بن عبد العزيز) -رحمه الله- في زمن خلافته (أبرز) أظهر (سريره) الذي جرت عادة الخلفاء بالاختصاص بالجلوس عليه إلى ظاهر داره (يومًا للناس ثم أذن لهم) في الدخول عليه ظاهر داره (فدخلوا) عليه (فقال) لهم (ما تقولون في القسامة؟ قال) قائل منهم كذا في الفرع كأصله وفي غيرهما قالوا (نقول القسامة القود بها حق) أي واجب (وقد أفادت بها الخلفاء) كمعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان قال أبو قلابة (قال لي ما تقول يا أبا قلابة)؟ فيها (ونصبني للناس) أي أبرزني لمناظرتهم أو لكونه كان خلف السرير فأمره

أن يظهر (فقلت: يا أمير المؤمنين عندك رؤوس الأجناد) بفتح الهمزة وسكون الجيم بعدها نون، ولابن ماجة وصححه ابن خزيمة في غسل الأعقاب. قال أبو صالح فقلت لأبي عبد الله: من حدثك؟ قال: أمراء الأجناد خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص، والجند في الأصل الأنصار والأعوان ثم اشتهر في المقاتلة، وكان عمر قسم الشام بعد موت أبي عبيدة ومعاذ على أربعة أمراء مع كل أمير جند (وأشراف العرب) أي رؤساؤهم (أرأيت) أي أخبرني (لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل محصن) بفتح الصاد وكان (بدمشق أنه قد زنى لم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولم (يروه أكنت ترجمه؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق أكنت

<<  <  ج: ص:  >  >>