للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عرض عليه ذلك لمعنى أراده الله تعالى تنبيهًا لعباده اهـ.

وأجيب بأن الاختيار وعدمه في ذلك سواء منه لأنه عليه الصلاة والسلام لا يقرّ على باطل، فدل على أن مثله جائز قاله الحافظ ابن حجر. وتعقبه العيني فقال: لا نسلم التسوية فإن الكراهة تتأكد عند الاختيار، وأما عند عدمه فلا كراهة لعدم العلّة الموجبة للكراهة وهي التشبه بعبدة النار.

ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون. نعم عبد الله بن مسلمة سكن البصرة وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الكسوف والإيمان والنكاح وبدء الخلق ومسلم وأبو داود والنسائي في الصلاة.

٥٢ - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ

(باب) ذكر (كراهية الصلاة في المقابر) في حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود والترمذي بسند رجاله ثقات مرفوعًا الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام وليس هو على شرط المؤلّف.

٤٣٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». [الحديث ٤٣٢ - طرفه في: ١١٨٧].

وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالمهملات ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى) القطان (عن عبيد الله) بضم العين مصغرًا وللأصيلي عن عبيد الله بن عمر (قال):

(أخبرني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم) النافلة، وفي الصحيحين حديث (صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة).

وإنما شرع ذلك لكونه أبعد من الرياء ولتنزل الرحمة فيه والملائكة، لكن استثنى منه نفل يوم الجمعة قبل صلاتها، فالأفضل كونه في الجامع لفضل البكور وركعتا الطواف والإحرام، وكذا التراويح للجماعة.

وعن بعضهم فيما حكاه عياض أن المعنى اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم من لا يخرج إلى المسجد من نسوة وغيرهنّ، لكن قال النووي: لا يجوز حمله على الفريضة.

(ولا تتخذوها) أي البيوت (قبورًا) أي كالقبور مهجورة من الصلاة وهو من التشبيه البليغ البديع بحذف حرف التشبيه للمبالغة، وهو تشبيه البيت الذي لا يُصلّى فيه بالقبر الذي لا يتمكن الميت من العبادة فيه، وقد حمل المؤلّف هذا الحديث على منع الصلاة في المقابر، ولهذا ترجم به.

وتعقب بأنه ليس فيه تعرض لجواز الصلاة في المقابر ولا منعها، بل المراد منه الحثّ على الصلاة في البيت فإن الموتى لا يصلون في بيوتهم، وكأنه قال: لا تكونوا كالموتى في القبور حيث انقطعت عنهم الأعمال وارتفعت التكاليف، ولو أريد ما تأوّله المؤلّف لقال المقابر. وأجيب بأنه قد ورد في مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ (المقابر) وتعقب بأنه كيف يقال حديث يرويه غيره بأنه مطابق لما ترجم به. وفي هذا الحديث التحديث والأخبار بالإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلم وابن ماجة.

٥٣ - باب الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَرِهَ الصَّلَاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ

(باب) حكم (الصلاة في مواضع الخسف) بالجمع وللأصيلي في موضع بالإفراد (و) موضع نزول (العذاب) من باب عطف العامّ على الخاص لأن الخسف من جملة العذاب (ويذكر) مما وصله ابن أبي شيبة (أن عليًّا) رضي الله عنه (كره الصلاة بخسف بابل) بعدم الصرف. قال الأخفش: لتأنيثه، وقال البيضاوي والمشهور أنه بلد من سواد الكوفة اهـ.

وقيل: المراد بالخسف المذكور ما في قوله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: ٢٦] الآية وذلك أن نمروذ بن كنعان بنى الصرح ببابل سمكه خمسة آلاف ذراع ليترصّد أمر السماء، فأهبّ الله الريح فخرّ عليه وعلى قومه فهلكوا قيل: وبات الناس ولسانهم سرياني فأصبحوا وقد تفرقت لغتهم على اثنين وسبعين لسانًا كلٌّ يبلبل بلسانه فسمي الموضع بابلاً.

٤٣٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». [الحديث ٤٣٣ - أطرافه في: ٣٣٨٠، ٣٣٨١، ٤٤١٩، ٤٤٢٠، ٤٧٠٢].

وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس (عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما).

(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) لأصحابه لما مروا معه بالحجر ديار ثمود في حال توجههم إلى تبوك: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين) بفتح الذال المعجمة وهم قوم صالح أي لا تدخلوا ديارهم (إلا أن تكونوا

<<  <  ج: ص:  >  >>