للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، فلما وقع تعين أنه المعنيّ بذلك، وسبق في غزوة أُحد وقوع ذلك لنبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وعند الإمام من رواية عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال نحو ذلك يوم حنين لما ازدحموا عليه عند قسمة الغنائم، وأشار المؤلّف بإيراده حديث الباب إلى ترجيح القول بأن ترك قتل اليهودي كان لمصلحة التأليف لأنه إذا لم يؤاخذ الذي ضربه حتى جرحه بالدعاء عليه ليهلك بل صبر على أذاه، وزاد فدعا له فلأن يصبر على الأذى بالقول أولى ويؤخذ منه ترك القتل بالتعريض بطريق الأولى.

والحديث تقدم في ذكر بني إسرائيل من أحاديث الأنبياء بهذا السند، وأخرجه مسلم في المغازي وابن ماجة في الفتن.

٦ - باب قَتْلِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: ١١٥] وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَقَالَ: إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِى الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

(باب قتل الخوارج) الذين خرجوا عن الدين وعلى عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وذلك لأنهم أنكروا عليه التحكيم الذي كان بينه وبين معاوية -رضي الله عنه- وكانوا ثمانية آلاف، وقيل أكثر من عشرة آلاف وفارقوه فأرسل إليهم أن يحضروا فامتنعوا حتى يشهد على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم وأجمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله وانتقلوا إلى الفعل، فكانوا يقتلون من مرّ بهم من المسلمين فقتلوا عبد الله بن الأرتّ وبقروا بطن سريته، فخرج عليّ -رضي الله عنه- عليهم فقتلهم بالنهروان فلم ينج منهم إلا دون العشرة ولم يقتل ممن معه إلا دون العشرة، ثم انضم إليهم من مال إلى رأيهم، ولما ولي عبد الله بن الزبير الخلافة ظهروا بالعراق مع نافع بن الأزرق وباليمامة مع نجدة بن عامر فزاد نجدة على مذهبهم أن من لم يخرج لمحاربة المسلمين فهو كافر وتوسعوا حتى أبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال الحيض ومنهم من أنكر الصلوات الخمس وقال: الواجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ومنهم من جوّز نكاح بنت الابن والأخت، ومنهم من أنكر سورة يوسف من القرآن. قال ابن العربي: الخوارج صنفان أحدهما يزعم أن عثمان وعليًّا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضي بالتحكيم كفّار، والصنف الآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلّد في النار أبدًا (و) باب قتل (الملحدين) بضم الميم وسكون اللام بعدها حاء فدال مهملتان العادلين عن الحق المائلين إلى الباطل (بعد إقامة الحجة عليهم) بإظهار بطلان دلائلهم (وقول الله تعالى): بجر قول عطفًا على المجرور السابق وبالرفع على الاستئناف ({وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين له ما يتقون}) [التوبة: ١١٥] أي ما أمر الله باتقائه واجتنابه مما نهى عنه وبين أنه محظور لا يؤاخذ به عباده الذين هداهم للإسلام ولا يخذلهم إلا إذا قدموا عليه بعد بيان حظره وعلمهم بأنه واجب الاجتناب وأما قبل العلم والبيان فلا.

قال في الكشاف: وفي هذه الآية شديدة ما ينبغي أن يغفل عنها وهي أن المهدي للإسلام إذا أقدم على بعض محظورات الله داخل في حكم الإضلال. قال في فتوح الغيب قوله: وفي هذه شديدة أي خصلة أو بلية أو قارعة أو داهية حذف الموصوف لشدة الأمر وفظاعته يعني في الآية تهديد عظيم للعلماء الذين يقدمون على المناكير على سبيل الإدماج وتسميتهم ضلالاً من باب التغليظ.

(وكان ابن عمر) -رضي الله عنهما- (يراهم) أي الخوارج (شرار خلق الله) المسلمين (وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها) أي أولوها (على المؤمنين) وصله الطبري في تهذيب الآثار في مسند عليّ. وعند مسلم من حديث أبي ذر مرفوعًا في وصف الخوارج: "هم شرار الخلق والخليقة" وعند البزار بسند حسن عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخوارج فقال: "هم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي".

٦٩٣٠ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ عَلِىٌّ - رضى الله عنه -: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيثًا فَوَاللَّهِ لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِى آخِرِ الزَّمَانِ حُدَّاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ يَقُولُونَ: مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِى قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) بكسر الغين المعجمة وتخفيف التحتية وبعد الألف مثلثة قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا خيثمة) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية بعدها مثلثة ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة بفتح السين المهملة وسكون الموحدة الجعفي لأبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>