للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم (قال: كان عروة) بن الزبير (يحدّث أنه سأل عائشة) -رضي الله عنها- عن معنى قوله تعالى: ({وإن خفتم أن لا تقسطوا}) نكاح ({اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء}) [النساء: ٣] أي من سواهن، وسقط لأبي ذر: من النساء (قالت) عائشة -رضي الله عنها- (هي اليتيمة) التي مات أبوها تكون (في حجر وليها) القائم بأمورها (فيرغب في مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها بأدنى) بأقل (من سنّة نسائها) من مهر مثل أقاربها (فنهوا) بضم النون (عن نكاحهن إلا أن يقسطوا لهن) بضم التحتية وسكون القاف أي يعدلوا (في إكمال الصداق) على عادتهن في ذلك. (ثم استفتى الناس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد) بالبناء على الضم أي بعد ذلك كما في إحدى الروايات (فأنزل الله) تعالى ({ويستفتونك}) بالواو ولأبي ذر يستفتونك بإسقاطها ({في النساء}) [النساء: ١٢٧] (فذكر الحديث) وفي باب الأكفاء من كتاب النكاح بلفظ: إلى ترغبون أن تنكحوهن فأنزل الله لهن: إن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ونسبها في إكمال الصداق وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها وأخذوا غيرها من النساء قالت: فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها حقها الأوفى من الصداق، وقال ابن بطال: فيه أنه لا يجوز للولي أن يتزوج يتيمة بأقل من صداقها ولا أن يعطيها من العروض في صداقها ما لا يفي بقيمة صداق مثلها.

ومطابقة الحديث للترجمة واضحة.

٩ - باب إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ

فَقُضِىَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فَهْىَ لَهُ وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ وَلَا تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ لأَخْذِهِ الْقِيمَةَ وَفِى هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا فَغَصَبَهَا وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمْوَالُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ وَلِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا غصب) رجل (جارية) لغيره فادّعى عليه أنه غصبها (فزعم أنها ماتت فقضي) عليه بضم القاف وكسر المعجمة أي فقضى الحاكم عليه (بقيمة البخارية الميتة) في زعمه (ثم وجدها صاحبها) الذي غصبت منه حيّة (فهي له وتردّ القيمة) التي حكم له بها على الغاصب (ولا تكون القيمة ثمنًا) لها لأنه وإنما أخذها لزعمه هلاكها فإذا تبين بطلانه رجع الحكم إلى الأصل.

(وقال بعض الناس): أي الإمام الأعظم أبو حنيفة -رحمه الله- (الجارية) المذكورة (للغاصب لأخذه) أي لأخذ مالكها (القيمة) عنها من الغاصب. قال البخاري: (وفي هذا احتيال لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها) منه (واعتل) احتج (بأنها ماتت حتى يأخذ ربها) مالكها (قيمتها فيطيب) بفتح التحتية بعد الفاء وكسر الطاء المهملة وسكون التحتية أو بضم ففتح وفتح بتشديد فيحل (للغاصب) بذلك (جارية غيره) وكذا في مأكول أو غيره ادّعى فساده أو حيوان مأكول ذبحه، ثم استدلّ البخاري لبطلان ذلك بقوله:

(قل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): فيما وصله مطولاً في أواخر الحج (أموالكم عليكم حرام) قال في الكواكب فإن قلت: مقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع فيلزم أن يكون مال كل شخص حرامًا عليه. ثم أجاب بأنه كقولهم بنو تميم قتلوا أنفسهم أي قتل بعضهم بعضًا فهو مجاز للقرينة الصارفة عن ظاهرها كما علم من القواعد الشرعية، وأجاب العيني: بأن معنى أموالكم عليم حرام إذا لم يوجد التراضي وهاهنا قد وجد بأخذ الغاصب القيمة (و) قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما وصله في هذا الباب و (لكل غادر) بالغين المعجمة والدال المهملة (لواء يوم القيامة) وأجاب العيني أيضًا بأنه لا يقال للغاصب في اللغة غادر لأن الغدر ترك الوفاء والغصب أخذ الشيء قهرًا وعدوانًا وقول الغاصب ماتت كذب وأخذ المالك القيمة رضا.

٦٩٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ».

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(لكل غادر لواء يوم القيامة) أي علم (يعرف به) ولا ريب أن الاعتلال الصادر من الغاصب أن الجارية ماتت غدر وخيانة في حق أخيه المسلم، وقال ابن بطال: خالف أبا حنيفة الجمهور في ذلك، واحتج هو بأنه لا يجمع الشيء وبدله في مال شخص واحد، واحتج الجمهور بأنه لا يحل

مال مسلم إلا عن طيب نفسه ولأن القيمة إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>