للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصحابه وجندبًا يوصيهم (فقالوا) أي صفوان وأصحابه لجندب (هل سمعت من رسول الله شيئًا؟ قال): نعم (وسمعته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يقول):

(من سمع سمع الله به يوم القيامة) بفتح السين والميم المشددة أي من عمل للسمعة يظهر الله للناس سريرته ويملأ أسماعهم بما ينطوي عليه، وقيل سمع الله به أي يفضحه يوم القيامة وقيل معناه من سمع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه، وقيل أسمعه المكروه، وقيل أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه لكون حسرة عليه، وقيل من أراد أن يعلمه الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه.

(قال) عليه الصلاة والسلام: (ومن يشاقق) ولأبي ذر عن الكشميهني بإسقاط إحدى القافين أي يضر الناس ويحملهم على ما يشق من الأمر أو يقول فيهم أمرًا قبيحًا ويكشف عن عيوبهم ومساويهم (يشقق الله عليه) يعذبه (يوم القيامة) ويشاقق ويشقق بلفظ المضارع وفك القاف فيهما (فقالوا) له: (أوصنا. فقال) جندب (إن أول ما ينتن) بضم التحتية وسكون النون وكسر الفوقية قال في الصحاح نتن الشيء وأنتن بمعنى فهو منتن ومنتن بكسر الميم إتباعًا لكسرة التاء والنتن الرائحة الكريهة (من الإنسان) بعد موته (بطنه فمن استطاع أن لا يأكل إلاّ طينًا) أي حلالاً (فليفعل ومن استطاع أن لا يحال) بضم التحتية وفتح الحاء المهملة مبنيًّا للمفعول وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني أن لا يحول (بينه وبين الجنة ملء كفه) كذا للكشميهني ملء بغير حرف الجر ورفع ملء على أنه فاعل بفعل محذوف دل عليه المتقدم أي يحول بينه وبين الجنة ملء كفه ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بملء كف (من دم) بغير ضمير ومن بيانية (أهراقه) بفتح الهمزة وسكون الهاء صبه بغير حقه (فليفعل).

وهذا الحديث وإن كان ظاهره أنه موقوف فهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال بالرأي. نعم وقع مرفوعًا عند الطبراني من طريق الأعمش من أبي تميمة بلفظ قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة" فذكر نحو رواية الجريري.

قال الفربري (قلت لأبي عبد الله) محمد بن إسماعيل البخاري (من يقول سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جندب؟ قال: نعم جندب) وفي الفرع كأصله سقوط قوله قلت إلخ لأبي ذر، وقال في الفتح: وقد خلت رواية النسفي من ذلك.

١٠ - باب الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فِى الطَّرِيقِ

وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِى الطَّرِيقِ وَقَضَى الشَّعْبِىُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ.

(باب) جواز (القضاء والفتيا) حال كونهما (في الطريق) وعن أشهب لا بأس بالقضاء إذا كان سائرًا إذا لم يشغله عن الفهم. وقال السفاقسي: لا يجوز فيما يكون غامضًا.

(وقضى يحيى بن يعمر) بفتح التحتية والميم بينهما عين مهملة ساكنة التابعي المشهور قاضي مرو (في الطريق) كما وصله ابن سعد في طبقاته. (وقضى الشعبي) بفتح المعجمة وسكون المهملة وبالموحدة المكسورة عامر بن شراحيل (على باب داره) وصله أيضًا ابن سعد.

٧١٥٣ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِجَانِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا»؟ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أخو أبي بكر قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي أنه قال: (حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: بينما) بالميم (أنا والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خارجان من المسجد فلقينا رجل) بكسر القاف وفتح التحتية (عند سدة المسجد) بضم السين وفتح الدال المشددة المهملتين المظلة على بابه لوقاية المطر والشمس أو الباب أو عتبته أو الساحة أمام بابه والرجل قال ابن حجر لم أعرف اسمه لكن في الدارقطني أنه ذو الخويصرة اليماني (فقال: يا رسول الله متى الساعة)؟ تقوم (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ما أعددت لها)؟ ما هيأت لها من عمل (فكأن الرجل استكان) افتعل من السكون فتكون ألفه خارجة عن القياس، وقيل إنه استفعل من الكون أي انتقل من كون إلى كون كما قالوا استحال إذا انتقل من حال إلى حال، وقوّة المعنى تؤيد الأوّل إذ الاستكانة هي الخضوع والانقياد وهو يناسب السكون والخروج عن القياس يضعفه والقياس يؤيد الثاني وقوة المعنى تضعفه إذ ليس بيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>