للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي الفعلة ولأبي ذر عن الكشميهني نعد هذا أي الفعل (نفاقًا) على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه إبطان أمر وإظهار آخر ولا يراد به أنه كفر، ولا يعارضه قوله عليه الصلاة والسلام للذي استأذن عليه: بئس أخو العشيرة ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب إذ لم يقل له خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على القول الأول عند السامع قصدًا للإعلام بحاله ثم تفضل عليه بحسن اللقاء للاستئلاف.

٧١٧٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنْ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأْتِى هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ».

وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يزيد بن أبي حبيب) بفتح الحاء المهملة المصري من صغار التابعين (عن عراك) بكسر العين المهملة وتخفيف الراء ابن مالك الغفاري المدني (عن أبي هريرة) رضي الله (أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء) القوم (بوجه وهؤلاء) القوم (بوجه) وفي الترمذي من طريق أبي معاوية: إن من شر الناس، ولمسلم من رواية ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: تجدون من شر الناس ذا الوجهين فرواية إن شر الناس محمولة على التي فيها من شر الناس ووصفه بكونه شر الناس أو من شر الناس مبالغة في ذلك. قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس، وقال النووي هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق محض وخداع وتحيل على الاطّلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة قال: فأما من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود اهـ.

وقوله: ذو الوجهين ليس المراد به الحقيقة بل هو مجاز عن الجهتين مثل المدحة والمذمة. قال تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذ خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون} [البقرة: ١٤] أي إذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنين أظهروا لهم الإيمان والموالاة والمصافاة غرورًا منهم للمؤمنين ونفاقًا وتقية وإذا انصرفوا إلى شياطينهم سادتهم وكبرائهم ورؤسائهم من أحبار اليهود ورؤوس المشركين والمنافقين {قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون} ساخرون بالقوم.

والحديث أخرجه مسلم.

٢٨ - باب الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

(باب القضاء على الغائب) في حقوق الآدميين دون حقوق الله اتفاقًا.

٧١٨٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هِنْدَ قَالَتْ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ».

وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (سفيان) بن عيينة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أن هند) بغير صرف للتأنيث والعلمية ولأبي ذر بالصرف لسكون الوسط بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس (قالت للنبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يا رسول الله (إن أبا سفيان) صخر بن حرب زوجها (رجل شحيح) بخيل مع حرص وهو أعم من البخل لأن البخل يختص بمنع المال والشح بكل شيء (وأحتاج) بفتح الهمزة (أن آخذ من ماله) ما يكفيني وولدي (قال-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لها:

(خذي) من ماله (ما يكفيك وولدك بالمعروف) من غير إسراف في الإطعام، وقد استدل جمع من العلماء من أصحاب الشافعي وغيرهم بهذا الحديث على القضاء على الغائب. قال النووي: ولا يصح هذا الاستدلال لأن هذه القصة كانت بمكة وأبو سفيان حاضر، وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبًا عن البلد أو مستترًا لا يقدر عليه أو متعذرًا، ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودًا فلا يكون قضاء على الغائب بل هو إفتاء وفي طبقات ابن سعد بسند رجاله رجال الصحيح من مرسل الشعبي أن هند لما بايعت وجاء قوله ولا يسرقن قالت: قد كنت أصبت من مال أبي سفيان فقال أبو سفيان: فما أصبت من مالي فهو حلال لك، ففيه أن أبا سفيان كان حاضرًا معها في المجلس، لكن قال في الفتح: ويمكن تعدد القصة وإن هذا وقع لما بايعت ثم جاءت مرة أخرى فسألت عن الحكم وتكون فهمت من الأول إحلال أبي سفيان لها ما مضى فسألت عما يستقبل لكن يعكر عليه ما في المعرفة لابن منده قالت هند لأبي سفيان: إني أريد أن أبايع الحديث. وفيه فلما فرغت قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان

<<  <  ج: ص:  >  >>