للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فارجموهما البتّة نكالاً من الله لكن يبقى التغريب (أما الوليدة والغنم فردّ) أي مردودة (عليك) فأطلق المصدر على المفعول كقوله تعالى: {هذا خلق الله} [لقمان: ١١] أي مخلوقه (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام). مصدر غرب مضاف إلى ظرفه لأن التقدير أن يجلد مائة وأن يغرب عامًّا وليس هو ظرفًا على ظاهره مقدّرًا بفي لأنه ليس المراد التغريب فيه حتى يقع في جزء منه بل المراد أن يخرج فيلبث عامًا فيقدّر يغرب بيغيب أي يغيب عامًا وهذا يتضمن أن ابنه كان غير محصن واعترف بالزنا فإن إقرار الأب عليه غير مقبول نعم إن كان من باب الفتوى فيكون معناه إن كان ابنك زنى وهو بكر فحده ذلك (وأما

أنت يا أنيس) بضم الهمزة وفتح النون مصغرًا (لرجل) من أسلم وهو ابن الضحاك (فاغد) بالغين المعجمة (على امرأة هذا) أي ائتها غدوة أو امش إليها (فارجمها) إذا اعترفت (فغدا عليها أنيس) فاعترفت (فرجمها). وفي رواية الليث: فاعترفت فأمر بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجمت، وظاهره كما في الفتح أن ابن أبي ذئب اختصره فقال: فغدا عليها أنيس فرجمها أو فرجمها أنيس لأنه كان حاكمًا في ذلك، وعلى رواية الليث يكون رسولاً ليسمع إقرارها وتفيذ الحكم منه عليه الصلاة والسلام.

واستشكل من حيث كونه اكتفى في ذلك بشاهد واحد. وأجيب: بأنه ليس في الحديث نص بانفراده بالشهادة فيحتمل أن غيره شهد عليها، واستدلّ به على وجوب الأعذار والاكتفاء فيه بشاهد واحد، وأجاب القاضي عياض باحتمال أن يكون ذلك ثبت عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشهادة هذين الرجلين.

قال في الفتح: والذي تقبل شهادته من الثلاثة والد العسيف فقط، وأما العسيف والزوج فلا. قال: وغفل بعض من تبع القاضي عياضًا فقال: لا بدّ من هذا الحمل وإلاّ لزم الاكتفاء بشهادة واحد في الإقرار بالزنا ولا قائل به، ويمكن الانفصال عن هذا بأن أنيسًا بعث حاكمًا فاستوفى شروط الحكم ثم استأذن في رجمها فأذن له في رجمها وكيف يتصوّر من الصورة المذكورة إقامة الشهادة عليها من غير تقدم دعوى عليها ولا على وكيلها مع حضورها في البلد غير متوارية إلا أن يقال إنها شهادة حسيّة؟ فيجاب: بأنه لم يقع هناك صيغة الشهادة المشروطة في ذلك. وقال المهلب: فيه حجة لمالك في جواز إنفاذ الحاكم رجلاً واحدًا في الأعذار وفي أن يتخذ واحدًا يثق به يكشف له عن حال الشهود في السر كما يجوز له قبول الفرد فيما طريقه الخبر لا الشهادة، والحكمة في إيراد البخاري الترجمة بصيغة الاستفهام كما نبه عليه في فتح الباري الإشارة إلى خلاف محمد بن الحسن مما نقله ابن بطال عنه حيث قال: لا يجوز للقاضي أن يقول: أقر عندي فلان بكذا الشيء يقضي به عليه من قتل أو مال أو عتق أو طلاق حتى يشهد معه على ذلك غيره، وادّعى أن مثل هذا الحكم الذي في حديث الباب خاص بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: وينبغي أن يكون في مجلس القاضي أبدًا عدلان يسمعان من يقر ويشهدان على ذلك فينفذ الحكم بشهادتهما.

والحديث سبق في الصلح والأيمان والنذور والمحاربين والوكالة.

٤٠ - باب تَرْجَمَةِ الْحُكَّامِ وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟

(باب ترجمة الحكام) بصيغة الجمع ولأبي ذر عن الكشميهني الحاكم والترجمة تفسير الكلام بلسان غير لسانه يقال ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر (وهل يجوز ترجمان واحد)؟ بفتح الفوقية وضمها قال أبو حنيفة وأحمد يكفي واختاره البخاري وآخرون وقال الشافعي وأحمد في رواية عنه إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم لا يقبل فيه إلا عدلان كالشهادة وقال أشهب وابن نافع عن مالك يترجم له ثقة مسلم مأمون واثنان أحب إليّ.

٧١٩٥ - وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ الْيَهُودِ حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُتُبَهُ وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ وَقَالَ عُمَرُ: وَعِنْدَهُ عَلِىٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانُ مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ فَقُلْتُ: تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِهِمَا الَّذِى صَنَعَ بِهِمَا وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ.

(وقال خارجة بن زيد بن ثابت) فيما وصله البخاري في تاريخه (عن) أبيه (زيد بن ثابت) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره أن يتعلم كتاب اليهود) أي كتابتهم يعني خطهم ولأبي ذر عن الكشميهني كتاب اليهودية بياء النسبة (حتى كتبت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتبه) إليهم (وأقرأته كتبهم) أي التي يكتبونها (إذا كتبوا إليه)

<<  <  ج: ص:  >  >>