للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأبي ذر فأخرجه بالجزم على الأمر (فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخرّ له ساجدًا فيقال) ولأبي ذر عن الكشميهني فيقول (يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وَسَلْ تُعْطَ واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي فيقول) وللأصيلي فيقال (انطلق فأخرج) منها (من كان في قلبه أدنى أدنى) مرتين وللكشميهني أدنى مرة ثالثة وفائدة التكرار التأكيد (مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار). فهي ثلاث تأكيدات لفظية فهو بالغ أقصى المبالغة باعتبار الأدنى البالغ هذا المبلغ في الإيمان الذي هو التصديق ويحتمل أن يكون التكرار للتوزيع على الحبة والخردلة أي أقل حبة من أقل خردلة من الإيمان ويستفاد منه صحة القول بتجزئ الإيمان وزيادته ونقصانه ولأبي ذر من النار من النار من النار بالتكرير ثلاثًا كقوله: أدنى أدنى أدنى (فأنطلق فأفعل).

قال معبد (فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا) البصريين (لو مررنا بالحسن) البصري (وهو متوارٍ) مختف (في منزل أبي خليفة) الطائي البصري خوفًا من الحجاج بن يوسف الثقفي (بما) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي فحدّثنا وللكشميهني والأصيلي فحدّثناه بما (حدّثنا) بفتح المثلثة (أنس بن مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد) وهي كنية الحسن (جئناك من عند أخيك) في الذين (أنس بن مالك فلم نرَ مثل ما حدّثنا) بفتح المثلثة (في الشفاعة. فقال: هيه) بكسر الهاءين من غير تنوين وقد تنوّن كلمة استرادة أي زيدوا من الحديث (فحدّثناه) بسكون المثلثة (بالحديث) الذي حدّثنا به أن (فانتهى إلى هذا الموضع فقال هيه) أي زيدوا (فقلنا: لم) وللأصيلي فقلنا له لم (يزد لنا) أن (على هذا فقال: لقد حدّثني) بالإفراد أنس (وهو جميع) أي وهو مجتمع أي حي كان شابًّا مجتمع العقل وهو إشارة إلى أنه كان حينئذٍ لم يدخل في الكبر الذي هو مظنة تفرق الذهن وحدوث اختلاط الحفظ (منذ) بالنون (عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا) على الشفاعة فتتركوا العمل (قلنا) ولأبي ذر عن الكشميهني فقلنا (يا أبا سعيد فحدّثنا) بسكون المثلثة (فضحك وقال: خلق الإنسان عجولاً ما ذكرته) لحكم (إلا وأنا أريد أن أحدّثكم حدّثني) أنس (كما حدّثتكم به قال) عليه الصلاة والسلام:

(ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك ثم) ولأبي ذر والأصيلي بتلك المحامد ثم (أخرّ له ساجدًا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع) لك (وسَلْ تُعْطَه) بهاء السكت (واشفع تشفع فأقول: يا رب أئذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول) عز وجل (وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجنّ) بضم الهمزة (منها من قال: لا إله إلا الله). أي مع محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي مسلم ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله. قال: ليس ذلك لك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال: لا إله إلا الله أي ليس هذا لك وإنما أفعل ذلك تعظيمًا لاسمي وإجلالاً لتوحيدي. وفي الحديث الإشعار بالانتقال من التصديق القلبي إلى اعتبار المقال من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله.

واستشكل لأنه إن اعتبر تصديق القلب اللسان فهو كمال الإيمان فما وجه الترقي من الأدنى المؤكد وإن لم يعتبر التصديق القلبي بل مجرد اللفظ فيدخل المنافق فهو موضع إشكال على ما لا

يخفى. وأجيب: بأن يحمل هذا على من أوجد هذا اللفظ وأهمل العمل بمقتضاه ولم يتخالج قلبه فيه بتصميم عليه ولا مُنافٍ له فيخرج المنافق لوجود التصميم منه على الكفر بدليل قوله في آخر الحديث كما في الرواية الأخرى فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن أي من وجب عليه الخلود وهو الكافر، وأجاب الطيبي: بأن ما يختص بالله تعالى هو التصديق المجرد عن الثمرة وما يختص بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الإيمان مع الثمرة من ازدياد اليقين أو العمل اهـ.

قال البيضاوي: وهذا الحديث مخصص لعموم قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث أبي هريرة أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة ويحتمل أن يجري على عمومه ويحمل على حال أو مقام اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>