للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي ذر المذكور والمرأة من جهة أنها تقبل في صورة شيطان وتدبر كذلك وأنها من حبائله، والحمار لما جاء من اختصاص الشيطان به في قصة نوح عليه الصلاة والسلام في السفينة، واحتج الأكثرون بحديث: لا يقطع الصلاة شيء،

وحملوا القطع في حديث أبي ذر وابن عباس رضي الله عنهما على المبالغة في خوف الإفساد بالشغل بها.

فإن قلت: تمسك الأكثرين بحديث: لا يقطع الصلاة شيء لا يحسن لأنه مطلق، وحديث الثلاثة مقيد، والمقيد يقضي على المطلق. أجيب: بأنه ورد ما يقضي على هذا المقيد، وهو صلاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أزواجه رضي الله عنهنّ وهنّ في قبلته.

ومال الطحاوي وغيره إلى أن صلاته عليه الصلاة والسلام إلى أزواجه ناسخة لحديث أبي ذر وما وافقه، وعورض بأن النسخ لا يصار إليه إلاّ إذا علم التاريخ وتعذر الجمع والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر وأجيب: بأن ابن عمر رضي الله عنهما بعد ما روى أن المرور يقطع. قال: لا يقطع صلاة المسلم شيء فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لم يقل ذلك، وكذلك ابن عباس أحد الرواة للقطع روي عنه حمله على الكراهة.

لكن قد مال الشافعي وغيره إلى تأويل القطع بأن المراد به نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالأسود. فأجيب: بأنه شيطان. ومعلوم أن الشيطان لو مرّ بين يدي المصليّ لم تفسد صلاته. وفي هذا الحديث التحديث بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة ورواته ثمانية.

٥١٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّهُ عَنِ الصَّلَاةِ يَقْطَعُهَا شَىْءٌ؟ فَقَالَ: لَا يَقْطَعُهَا شَىْءٌ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: "لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ فَيُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى فِرَاشِ أَهْلِهِ".

وبه قال: (حدّثنا إسحاق) بن راهويه الحنظلي ولأبي ذر إسحاق بن منصور (قال: أخبرنا) وفي رواية حدّثنا (يعقوب بن إبراهيم) ولأبوي ذر والوقت إبراهيم بن سعد بسكون العين (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي حدّثنا ولأبي ذر أخبرنا (ابن أخي ابن شهاب) محمد بن عبد الله بن مسلم:

(أنه سأل عمّه) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (عن الصلاة يقطعها شيء فقال) أي ابن شهاب وللأصيلي قال: (لا يقطعها شيء) عامّ مخصوص، فإن القول والفعل الكثير يقطعها أو المراد لا يقطعها شيء من الثلاثة التي وقع النزاع فيها المرأة والحمار والكلب، ثم قال ابن شهاب (أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: لقد كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقوم فيصلّي من الليل وإني لمعترضة بينه وبين القبلة) جملة اسمية حالية مؤكدة بأن واللام (على فراش أهله) متعلق بقوله فيصلّي وهو يقتضي أن صلاته كانت واقعة على الفراش، ولأبي ذر عن الحموي عن فراش أهله وهو متعلّق بقوله يقوم.

ورواة هذا الحديث الستة مدنيون ما خلا إسحاق فإنه مروزي، وفيه التحديث والإخبار بصيغة الجمع والإفراد وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابية.

١٠٦ - باب إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِهِ فِي الصَّلَاةِ

وهذا (باب) بالتنوين (إذا حمل جارية صغيرة على عنقه) لا تفسد صلاته وزاد غير الأربعة (في الصلاة).

٥١٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي وَهْوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا". [الحديث ٥١٦ - طرفه في: ٥٩٩٦].

وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (مالك) إمام دار الهجرة (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) بن العوام (عن عمرو بن سليم) بفتح العين وضم السين (الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء الأنصاري (عن أبي قتادة) الحرث بن ربعي (الأنصار) السلمي رضي الله عنه:

(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلّي وهو حامل أمامة) بتنوين حامل وضم همزة أمامة وتخفيف ميمها والنصب والجملة اسمية حالية، وروي حامل إمامة بالإضافة كان الله بالغ أمره بالوجهين ويظهر أثر الوجهين في قوله (بنت زينب) فيجوز فيها الفتح والكسر بالاعتبارين، وأما قوله (بنت رسول الله) وفي رواية ابنة رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فبجر بنت خاصة لأنها صفة لزينب المجرورة قطعًا (و) هي أي أمامة بنت (لأبي العاص) مقسم بكسر الميم وفتح السين أو لقيط أو القاسم أو لقيم أو مهشم أو هشيم أو ياسر أقوال وأسر يوم بدر كافرًا ثم أسلم وهاجر، وردّ عليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابنته زينب وماتت معه وأثنى عليه في مصاهرته، وتوفي في خلافة أبي بكر رضي الله عنهما (بن ربيعة) بن عبد العزى (بن عبد شمس) كذا وقع في رواية الأكثرين عن مالك، والصواب ما رواه أبو مصعب

<<  <  ج: ص:  >  >>