للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فسبح بحمد ربك واستغفره} [النصر: ٣] أي سبح بنفس الحمد لما تضمنه الحمد من معنى التسبيح الذي هو التنزيه لاقتضاء الحمد نسبة الأفعال المحمود عليها إلى الله تعالى. فعلى هذا يكفي في امتثال الأمر الاقتصار على الحمد أو المراد فسبح ملتبسًا بالحمد. فلا يمتثل حتى يجمعهما وهو الظاهر.

وفي رواية الأعمش عن أبي الضحى كما في التفسير عند المؤلّف: ما صلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة بعد أن نزلت عليه {إذا جاء نصر الله والفتح} إلا يقول فيها، الحديث. وهو يقتضي مواظبته عليه الصلاة والسلام على ذلك.

واستدلّ به على جواز الدعاء في الركوع والسجود والتسبيح في السجود، ولا يعارضه قوله، عليه الصلاة والسلام، المروي في مسلم وأبي داود والنسائي أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء. لكن يحتمل أن يكون أمر في السجود بتكثير الدعاء لإشارة قوله: فاجتهدوا فيه في الدعاء.

والذي وقع في الركوع من قوله: اللهم اغفر لي، ليس بكثير، فلا يعارض ما أمر به في السجود، وفيه تقديم الثناء على الدعاء.

١٤٠ - باب الْمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

(باب المكث بين السجدتين) ولأبي ذر عن الحموي بين السجود.

٨١٨ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ "أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ قَالَ لأَصْحَابِهِ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلَاةٍ- فَقَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ هُنَيَّةً، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً -فَصَلَّى صَلَاةَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا- قَالَ أَيُّوبُ: كَانَ يَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ، كَانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ".

وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) السدوسي (قال: حدّثنا حماد) ولأبي ذر والأصيلي: حماد بن زيد (عن أيوب) السختياني (عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد الجرمي (أن مالك بن الحويرث) بضم الحاء المهملة وفتح الواو آخره مثلثة (قال لأصحابه: ألا أنبئكم صلاة رسول الله) وللأصيلي: صلاة النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

الإنباء يتعدى بنفسه، قال تعالى {من أنبأك هذا} وبالباء قال تعالى: {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم} [آل عمران: ١٥] (قال) أبو قلابة (وذاك) أي الإنباء الذي دل عليه: أنبئكم (في غير حين صلاة) من الصلوات المفروضة.

(فقام) أي: مالك، فأحرم بالصلاة (ثم ركع فكبر ثم رفع رأسه) من الركوع (فقام هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية أي قليلاً (ثم سجد، ثم رفع رأسه هنية) هذا موضع الترجمة، لأنه يقتضي الجلوس بين السجدتين قدر الاعتدال.

قال أبو قلابة: (فصلّى صلاة عمرو بن سلمة) بكسر اللام (شيخنا هذا) بالجر عطف بيان لعمرو والمجرور بالإضافة، أي: كصلاته.

(قال أيوب) السختياني بالسند المسوق إليه: (كان) أي الشيخ المذكور (يفعل شيئًا لم أرهم يفعلونه، كان يقعد) أي يجلس آخر (الثالثة و) (الرابعة) ذا في الفرع، والرابعة بغير ألف، وعزاها ابن التين لأبي ذر، وقال وأراه غير صحيح. اهـ. ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي مما في الفرع وأصله أو الرابعة، بالشك من الراوي أيّهما قال: والمتردّد فيه واحد، لأن المراد بدء الرابعة، لأن الذي بعدها جلوس التشهد وذلك انتهاء الثالث.

وفيه استحباب جلسة الاستراحة، وبه قال الشافعي وإن خالفه الأكثر.

٨١٩ - قَالَ: "فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ فَقَالَ: «لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ، صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».

(قال) ابن الحويرث: أسلمنا أو أرسلنا قومنا (فأتينا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قأقمنا عنده) زاد في رواية ابن عساكر: شهرًا (فقال) عليه الصلاة والسلام:

(لو) أي إذا، أو إن (رجعتم إلى أهليكم) بسكون الهاء. ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر والأصيلي: أهاليكم بفتح الهاء ثم ألف بعدها (صلوا صلاة كذا، في حين كذا، صلوا) وللأصيلي وابن عساكر: وصلوا، لزيادة واو قبل الصاد (صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم).

٨٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: "كَانَ سُجُودُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرُكُوعُهُ وَقُعُودُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) المعروف بصاعقة (قال: حدّثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيري) بضم الزاي وفتح الموحدة وبالراء بعد المثناة التحتية (قال: حدّثنا مسعر) بكسر الميم وسكون المهملة، ابن كدام (عن الحكم) بفتح الحاء والكاف، ابن عتيبة الكوفي (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء) بن عازب أنه (قال كان سجود النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اسم كان وتاليه معطوف عليه، وهو قوله: (وركوعه وقعوده بين السجدتين) أي: كان زمان سجوده وركوعه وجلوسه بين السجدتين (قريبًا من السواء) بالمدّ أي المساواة.

قال الخطابي: هذا أكمل صفة صلاة الجماعة، وأما الرجل وحده فله أن يطيل في الركوع والسجود أضعاف ما يطيل بين السجدتين وبين الركوع والسجدة.

٨٢١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "إِنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِنَا -قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ

أَرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ- كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ".

وبه

<<  <  ج: ص:  >  >>