للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي قرية من قرى عبد القيس، أو مدينة أو حصن، وفي رواية وكيع: قرية من قرى البحرين.

واستدلّ به إمامنا الأعظم الشافعي، وأحمد على: أن الجمعة تقام في القرية إذا كان فيها أربعون رجلاً أحرارًا بالغين، مقيمين، ولا يظعنون عنها صيفًا ولا شتاء إلا لحاجة، سواء كانت أبنيتها من حجر أو طين، أو خشب أو قصب، أو نحوها، فلو انهدمت أبنيتها فأقام أهلها على العمارة لزمتهم الجمعة فيها، لأنها وطنهم، سواء كانوا في مظال أم لا، وسواء فيها المسجد والدار والفضاء، بخلاف الصحراء.

وخصه المالكية بالجامع المبني، وبالعتيق: في كل قرية فيها مسجد وسوق.

واشترط الحنفية لإقامتها المصر أو فناءه، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا جمعة ولا تشريق إلاّ في مصر جامع". رواه عبد الرزاق.

وأجابوا عن قوله جؤاثى: إنها مدينة، كما قاله البكري، وقول امرئ القيس:

ورحنا كأنا من جؤاثى عشية ... نعالي النعاج بين عدل ومحقب

يريد: كأنا من تجار جؤاثى لكثرة ما معهم من الصيد، وأراد: كثرة أمتعة تجار جؤاثى، وكثرة الأمتعة تدل غالبًا على كثرة التجار، وكثرة التجار تدل على أن جؤاثى مدينة قطعًا، لأن القرية لا يكون فيها تجار غالبًا عادة، ولئن سلمنا أنها قرية، فليس في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام اطّلع على ذلك وأقرّهم عليه. اهـ.

وقد سبق في نفس الحديث من رواية وكيع: أنها قرية من قرى البحرين، وفي أخرى عنه: من قرى عبد القيس. وكذا للإسماعيلي من رواية محمد بن أبي حفصة، عن ابن طهمان، وهو نص في موضع النزاع، فالمصير إليه أولى من قول البكري وغيره، على أنه يحتمل أنها كانت في الأول قرية، ثم صارت مدينة.

والظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن الوحي، ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل، بأنهم فعلوه والقرآن ينزل، فلم ينهوا عنه.

والمصر عند أبي حنيفة، رحمه الله: كل بلدة فيها ملك وأسواق ولها رساتيق ووالٍ لدفع الظلم، وعالم يرجع إليه في الحوادث.

وعند أبي يوسف، رحمه الله: كل موضع له أمير وقاضٍ ينفذ الأحكام، وهو مختار الكرخي، وعنه أيضًا أن: يبلغ سكانه عشرة آلاف، وأما فناؤه فهو ما أعدّ لحوائج المصر، من: ركض الخيل، والخروج للرمي، وغيرهما.

وفي الخانية: لا بدّ أن يكون متصلاً بالمصر، حتى لو كان بينه وبين المصر فرجة، من المزارع والمراعي لا يكون فناء له، ومقدار التباعد أربعمائة ذراع، وعند أبي يوسف ميلان. اهـ.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري وهروي، وفيه التحديث والعنعنة والقول.

٨٩٣ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ». وَزَادَ اللَّيْثُ قَالَ: يُونُسُ كَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ -وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِوَادِي الْقُرَى-: هَلْ تَرَى أَنْ أُجَمِّعَ؟ وَرُزَيْقٌ عَامِلٌ عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السُّودَانِ وَغَيْرِهِمْ، وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ، فَكَتَبَ ابْنُ شِهَابٍ -وَأَنَا أَسْمَعُ- يَأْمُرُهُ أَنْ يُجَمِّعَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ

عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». [الحديث ٨٩٣ - أطرافه في: ٢٤٠٩، ٢٥٥٤، ٢٥٥٨، ٢٧٥١، ٥١٨٨، ٥٢٠٠، ٧١٣٨].

وبه قال: (حدّثنا بشر بن محمد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (المروزي) السجستاني، وسقط: المروزي، عند ابن عساكر (قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن) ابن شهاب (الزهري) أنه (قال: أخبرنا) بالجمع، ولأبي ذر وابن عساكر: أخبرني (سالم بن عبد الله) بن عمر، وسقط: ابن عبد الله للأربعة (عن ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما) أنه (قال: سمعت) ولكريمة: قال إن (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(كلكم راعٍ) أي: حافظ ملتزم صلاح ما قام عليه، وما هو تحت نظره، فكل مَن كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ومتعلقاته، فإن وفى ما عليه من الرعاية، حصل له الحظ الأوفر، والجزاء الأكبر، وإلَاّ طالبه كل واحد من رعيته في الآخرة بحقه.

(وزاد الليث) بن سعد، إمام المصريين، رحمه الله، في روايته على رواية عبد الله بن المبارك، مما وصله الذهلي عن أبي صالح، كاتب الليث، عنه (قال يونس) بن يزيد: (كتب رزيق بن حكيم) بتقديم الراء المضمومة على الزاي المفتوحة في الأوّل، وضم الحاء المهملة وفتح الكاف على صيغة تصغير الثلاثي في الثاني، الفزاري، مولى بني فزارة، ولابن عساكر: وكتب (إلى ابن شهاب) الزهري (وأنا معه يومئذ بوادي القرى) من أعمال المدينة، فتحه عليه الصلاة والسلام في جمادى الآخرة سنة سبع من الهجرة، لما انصرف من خيبر.

(هل ترى أن أجمع) أي: أن أصلي بمن معي

<<  <  ج: ص:  >  >>