للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يؤخرون فيها تأخيرًا كثيرًا، كمكة، لما فيه من الضرر، فلو تبايع مقيم ومسافر أثما جميعًا لارتكاب الأول النهي وإعانة الثاني له عليه.

نعم، يستثنى من تحريم البيع ما لو احتاج إلى ماء طهارته، أو إلى ما يواري به عورته، أو يقوته عند اضطراره، ولو باع وهو سائر إليها، وأو في الجامع جاز، لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة. لكن يكره البيع ونحوه في المسجد، لأنه ينزّه عن ذلك.

وعند الحنفية يكره البيع مطلقًا ولا يحرم.

(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح، مما وصله عبد بن حميد في تفسيره: (تحرم الصناعات كلها) لأنها بمنزلة البيع في الشاغل عن الجمعة.

(وقال إبراهيم بن سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، (عن) ابن شهاب (الزهري: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة، وهو مسافر، فعليه) أي: على طريق الاستحباب، (أن يشهد) أي الجمعة.

لكن اختلف على الزهري فيه، فروي عنه هذا، وروي عنه: لا جمعة على مسافر على طريق الوجوب.

قال ابن المنذر: وهو كالإجماع، ويحتمل أن يكون مراده بقوله: فعليه أن يشهد، ما إذا اتفق حضور المسافر في موضع تقام فيها الجمعة فسمع: النداء لها، إلا أنه يلزمه حضورها مطلقًا، حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخله مجتازًا.

وقال المالكية: تجب عليه، إذا أدركه صوت المؤذن قبل مجاوزة الفرسخ.

٩٠٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ: أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». [الحديث ٩٠٧ - طرفه في: ٢٨١١].

وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، قال: حدّثنا يزيد ابن أبي مريم) الدمشقي إمام جامعها، قال الزركشي: ووقع في أصل كريمة: بريد، بضم الموحدة وبالراء، وهو: غلط، وللأصيلي ابن أبي مريم الأنصاري: (قال: حدّثنا عباية بن رفاعة) بفتح العين المهملة وتخفيف الموحدة وكسر راء، رفاعة بن خديج الأنصاري (قال: أدركني أبو عبس) بفتح العين

المهملة وسكون الموحدة آخره مهملة، عبد الرحمن بن جبر، بالجيم المفتوحة والموحدة الساكنة والراء، الأنصاري (وأنا أذهب إلى الجمعة)، جملة اسمية حالية (فقال: سمعت النبي) ولأبي ذر: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول):

(من أغبرت قدماه) أي: أصابهما غبار (في سبيل الله) اسم جنس مضاف يفيد العموم، فيشمل الجمعة، (حرمه الله) كله (على النار).

وجه المطابقة من قوله: أدركني أبو عبس ... ، لأنه لو كان يعدو لما احتمل الوقت المحادثة لتعذرها مع العدو.

ورواة الحديث ما بين مديني ودمشقي، وليس لأبي عبس في البخاري إلا هذا الحديث، ويزيد أفراده، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي والتحديث والسماع والقول، وأخرجه المؤلّف في الجهاد، وكذا الترمذي والنسائي.

٩٠٨ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) عبد الرحمن (قال: حدّثنا) ابن شهاب (الزهري، عن سعيد) بكسر العين، ابن المسيب (و) عن (أبي سلمة) ابن عبد الرحمن (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).

ثم ساق لهذا سندًا آخر فقال: (وحدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو: اين أبي حمزة: (عن) ابن شهاب (الزهري قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن) رضي الله تعالى عنه (أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها) حال كونكم (تسعون)، لما يلحق الساعي من التعب وضيق النفس المنافي للخشوع المطلوب، (و) لكن (ائتوها تمشون، عليكم) ولأبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر: وعليكم (السكينة) بالرفع، مبتدأ أخبر عنه بسابقه. والجملة حال من ضمير: وأتوها تمشون وبالنصب لغير أبي ذر على الإغراء، أي: الزموا السكينة أي: الهينة والتأني.

والنهي متوجه إلى السعي، لا إلى الإتيان، واستشكل النهي بما في قوله تعالى: {فاسعوا} [الجمعة: ٩].

وأجيب: بأن المراد به في الآية: القصد، أو الذهاب، أو العمل، كما مر.

وفي الحديث: الإسراع، لأنه قابله بالمشي حيث قال: وأتوها تمشون. قال الحسن: ليس السعي الذي في الآية على الأقدام بل على القلوب.

(فما أدركتم) مع الإمام من الصلاة (فصلوا، وما فاتكم فأتموا). فيه أن ما يدرك المرء من باقي صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>