للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمدينة، حيث بنى بها عليه الصلاة والسلام، سنة إحدى وخمسين (تكبر يوم النحر) قال الحافظ ابن

حجر، رحمه الله تعالى: لم أقف على أثرها هذا موصولاً، وقال صاحب العمدة: روى البيهقي تكبيرها يوم النحر.

(وكن النساء) على لغة: أكلوني البراغيث، ولأبي ذر: وكان النساء (يكبّرن خلف أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبعد الألف نون (بن عثمان) بن عفان، وكان أميرًا على المدينة في زمن ابن عمّ أبيه، عبد الملك بن مروان (و) خلف أمير المؤمنين (عمر بن عبد العزيز) أحد الخلفاء الراشدين، مما وصله أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب العيد (ليالي) أيام (التشريق مع الرجال في المسجد).

فهذه الآثار قد اشتملت على وجود التّكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغيرها من الأحوال، وللعلماء في ذلك اختلاف: هل يختص بالمكتوبات أو يعمّ النوافل؟ وبالمؤداة أو يعمّ المقضية؟ وهل ابتداؤه من صبح عرفة أو من ظهره؟ أو من صبح يوم النحر أو من ظهره؟ وهل الانتهاء إلى ظهر يوم النحر أو إلى ظهر ثانيه؟ أو إلى صبح آخر أيام التشريق أو إلى عصره؟

وقد اجتمع من هذه: ستة وسبعون. بيان ذلك: أن تضرب أربعة الابتداء في خمسة الانتهاء تبلغ عشرين. يسقط منها كون ظهر النحر مبتدأ ومنتهى كليهما معًا، تصير تسعة عشر. تضربها في الأربعة الأولى الباقية تبلغ: ستة وسبعين. كذا قرره البرماوي، مع ما نقله عن الكرماني وغيره.

ويزاد على ذلك: هل يختص بالرجال أو يعمّ النساء؟ وبالجماعة أو يعمّ المنفرد؟ وبالمقيم أو يعمّ المسافر؟ وساكن مصر أو يعمّ أهل القرى؟ فهي ثمانية حكاها مع سابقها النووي، وزاد غيره في الانتهاء، فقال: وقيل: إلى عصر يوم النحر.

قال في الفتح، وقد رواه البيهقي عن أصحاب ابن مسعود: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود: إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى، أخرجهما ابن المنذر وغيره.

والصحيح من مذهب الشافعية: أن استحبابه يعمّ الصلاة فرضًا ونفلاً، ولو جنازة ومندورة ومقضية في زمن استحبابه لكل مصلٍّ: حاجّ أو غيره؟ مقيم أو مسافر؟ ذكر أو أُنثى؟ منفرد أو غيره؟ من صبح عرفة إلى عقيب عصر آخر أيام التشريق للاتباع، رواه الحاكم، وصححه، لكن ضعفه البيهقي.

قال في الجموع: والبيهقي أتقن من شيخه الحاكم وأشد تحريًّا.

ِوهذا في غير الحج وعليه العمل كما قاله النووي وصححه في الأذكار، وقال في الروضة: إنه الأظهر عند المحققين، لكن صحح في المنهاج كأصله: أن غير الحاج كالحاج يكبّر من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق.

وخصّ المالكية استحبابه بالفرائض الحاضرة، وهو عندهم: من ظهر يوم النحر إلى آخر اليوم الرابع.

وقال أبو حنيفة: يجب من صلاة صبح يوم عرفة وينتهي بعصر يوم النحر، وقال صاحباه: يختم بعصر ثالث أيام التشريق.

وهو: على المقيمين بالمصر خلف الفرائض في جماعة مستحبة عند أبي حنيفة، فلا يجب على أهل القرى، ولا بعد النوافل والوتر، ولا على منفرد ونساء إذا صلين في جماعة.

وقال صاحباه: يجب على كل من يصلّي المكتوبة لأنه شرع تبعًا لها.

وأما صفة التكبير، فقال المالكية: الله أكبر، ثلاثًا وإن قال: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" كان حسنًا، لما روي أن جابرًا صلّى في أيام التشريق، فلما فرغ قال: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر" قيل: واستمر عيه العمل فلذا أخذ به مالك من غير تضييق.

وقال الحنفية: يقول مرة واحدة: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد". قالوا: وهذا هو المأثور عن الخليل.

وقال الشافعية: يكبّر ثلاثًا نسقًا اتباعًا للسلف والخلف، ويزيد: "لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

قال الشافعي: وما زاد من ذكر الله فحسن، واستحسن في الأمُ أن تكون زيادته: "الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، لا إله إلاّ الله ولا نعبد إلاّ إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده. ونصر عبده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، والله أكبر". وأن يرفع بذلك صوته.

وأصحّ ما ورد في صفته، ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان، قال: كبّروا الله: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر،

<<  <  ج: ص:  >  >>