للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفجر فإن كنت مستيقظة حدّثني) ولا تضادّ بين هذا وبين ما في سنن أبي داود، من طريق مالك أن كلامه عليه الصلاة والسلام لعائشة كان بعد فراغه من صلاة الليل، وقبل أن يصلّي ركعتي الفجر، لاحتمال أن يكون كلامه لها كان قبل ركعتي الفجر وبعدهما. (وإلا) أي: وإن لم أكن مستيقظة (اضطجع) للراحة من تعب القيام، أو: ليفصل بين الفرض والنفل بالحديث أو الاضطجاع. (حتى يؤذن بالصلاة) بضم الياء وإسكان الهمزة وفتح المعجمة، مبنيًا للمفعول. كذا في الفرع. وضبطه في الفتح بضم أوله وفتح المعجمة الثقيلة.

وللكشميهني: حتى نودي، من النداء.

واستدلّ به على عدم استحباب الضجعة.

وأجيب: بأنه لا يلزم من كونه ربما تركها عدم الاستحباب، بل يدل تركه لها أحيانًا على عدم الوجوب، والأمر بها في رواية الترمذي محمول على الإرشاد إلى الراحة والنشاط لصلاة الصبح، وفيه أنه لا بأس بالكلام المباح بعد ركعتي الفجر.

قال ابن العربي: ليس في السكوت في ذلك الوقت فضل مأثور، إنما ذلك بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس.

ورواته: ما بين نيسابوري ومكّي ومدني، وفيه: التحديث والعنعنة، وأخرجه أيضًا مسلم والترمذي.

٢٥ - باب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى

وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عَمَّارٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ -رضي الله عنهم-.

وقال يحيى بنُ سعيد الأنصاريُّ: ما أدرَكتُ فُقهاءَ أرضِنا إلا يُسلِّمونَ في كل اثنتينِ منَ النهارِ.

(باب ما جاء في التطوّع مثنى مثنى) ركعتين ركعتين يسلم من كل ثنتين.

وهذا الباب ثابت هنا في الفرع وأصله، وفي أكثر النسخ بعد باب: ما يقرأ في ركعتي الفجر، وعليه مثى في فتح الباري وغيره.

(ويذكر ذلك) أي: ما ذكر من التطوع مثنى مثنى (عن عمار) أي ابن ياسر، ولأبي ذر، والأصيلي: قال محمد، يعني: البخاري ويذكر، ولأبي الوقت: قال ويذكر، عن عمار (وأبي ذر وأنس) الصحابيين (وجابر بن زيد) أبي الشعثاء البصري (وعكرمة والزهري) التابعيين (رضي الله عنهم).

(وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: ما أدركت فقهاء أرضنا) أي أرض المدينة، وقد أدرك كبار التابعين: كسعيد بن المسيب، ولحق قليلاً من صغار الصحابة: كأنس بن مالك (إلا يسلمون في كل اثنتين) بتاء التأنيث. أي: ركعتين، ولأبي ذر: اثنين (من النهار) ولم يقف الحافظ ابن حجر عليه موصولاً كالذي قبله.

١١٦٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ. ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَاّمُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ. وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ". [الحديث ١١٦٢ - طرفاه في: ٦٣٨٢، ٧٣٩٠].

وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد (قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي) بفتح الميم والواو، واسمه، كما في تهذيب الكمال: زيد (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري، (رضي الله عنهما قال):

(كان رسول الله) وللأصيلي: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعلمنا الاستخارة) أي: صلاتها ودعاءها، وهو طلب الخيرة بوزن العنبة (في الأمور) ولأبي ذر، والأصيلي زيادة: كلها، جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها ليسأل أحدكم حتى شسع نعله (كما يعلمنا السورة من القرآن) اهتمامًا بشان ذلك (يقول):

(إذا هم أحدكم بالأمر) أي قصد أمرًا مما لا يعلم وجه الصواب فيه، أما ما هو معروف خيره: كالعبادات وصنائع المعروف، فلا. نعم، قد يفعل ذلك لأجل وقتها لمخصوص، كالحج في هذه السنة لاحتمال عدو أو فتنة أو نحوهما (فليركع) فليصل ندبًا في غير وقت كراهة (ركعتين) من باب: ذكر الجزء وإرادة الكل.

واحترز بالركعتين عن الواحدة فإنها لا تجزئ. وهل إذا صلّى أربعًا بتسليمة يجزئ؟ وذلك لحديث أبي أيوب الأنصاري، المروي في صحيح ابن حبان وغيره: "ثم صلِّ ما كتب الله لك"، فهو دال على أن الزيادة على الركعتين لا تضر، وهذا موضع الترجمة لأمره، عليه الصلاة والسلام، بصلاة ركعتين.

(من غير الفريضة) بالتعريف، فلا تحصل سنتها بوقوع دعائها بعد فرض، وللأصيلي: من غير فريضة (ثم ليقل) ندبًا بكسر لام الأمر المعلق بالشرط: وهو إذا هم أحدكم بالأمر.

(اللهم إني أستخيرك) أي: أطلب منك بيان ما هو خير لي (بعلمك، وأستقدرك بقدرتك) أي: أطلب منك أن تجعل لي قدرة عليه، والباء فيهما للتعليل، أي: بأنك أعلم وأقدر، أو للاستعانة أو الاستعطاف، كما في {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} [القصص: ١٧] أي: بحق قدرتك وعلمك الشاملين (وأسألك من فضلك العظيم) إذ كل عطائك فضل ليس لأحد عليك حق في نعمة (فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب) استأثرت بها، لا يعلمها

<<  <  ج: ص:  >  >>