للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(خيرًا مني) قاله تواضعًا وهضمًا لنفسه (فلم يوجد له ما يكفن فيه إلاّ برده) بالضمير العائد على مصعب. قال الحافظ ابن حجر: وهو رواية الأكثر قال: ولأبي ذر عن الكشميهني: إلا بردة، بلفظ واحد البرود. اهـ.

والذي في الفرع، عن الكشميهني بالضمير، والبرد نمرة كالمئزر.

وهذا موضع الترجمة، لأن ظاهره أنه لم يوجد ما يملكه إلا البردة المذكورة.

(وقتل حمزة) بن عبد المطلب في غزوة أُحد (-أو رجل آخر-) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة). وللكشميهني كما في الفرع وأصله: إلاّ برده، بالضمير الراجع إليه.

قال عبد الرحمن بن عوف: (لقد خشيت أن تكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا) يعني: أصبنا ما كتب لنا من الطيبات في دنيانا، فلم يبق لنا بعد استيفاء حظنا شيء منها. والمراد بالحظ الاستمتاع والتنعم الذي يشغل الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه، حتى يعكف همته على استيفاء اللذات. أما من تمتع بنعم الله، ورزقه الذي خلقه تعالى لعباده، ليتقوى بذلك على دراية العلم والقيام بالعمل، وكان ناهضًا بالشكر فهو عن ذلك بمعزل.

(ثم جعل) عبد الرحمن (يبكي) خوفًا من تخلفه عن اللحاق بالدرجات العلى.

وشيخ المؤلّف من أفراده، والثلاثة البقية مدنيون، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا المؤلّف في: الجنائز، والمغازي.

٢٧ - باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ

هذا (باب) بالتنوين (إذا لم يوجد) للميت (إلاّ ثوب واحد) اقتصر عليه.

١٢٧٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ

إِبْرَاهِيمَ "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ -رضي الله عنه- أُتِيَ بِطَعَامٍ -وَكَانَ صَائِمًا- فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي- كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ. وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ -وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي- ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ -أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا- وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا. ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ".

وبالسند قال: (حدّثنا ابن مقاتل) محمد المروزي، المجاور بمكة. ولأبي ذر: محمد بن مقاتل، قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي، قال: (أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) بسكون العين (عن أبيه إبراهيم).

(أن) أباه (عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، أتي بطعام) بإسقاط هاء الضمير (-وكان) عبد الرحمن يومئذ (صائمًا- فقال: قتل مصعب بن عمير -وهو خير مني- كفن في بردة) ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: في برده بالضمير الراجع إلى مصعب (إن غُطي) بضم الغين مبنيًّا للمفعول (رأسه) بالرفع نائب عن الفاعل، (بدت) ظهرت (رجلاه وإن غطي رجلاه بدا) ظهر (رأسه). قال المهلب وابن بطال: وإنما استحب أن يكفن في هذه البردة لكونه قتل فيها.

قال ابن حجر: وفي هذا الجزم نظر، بل الظاهر أنه لم يوجد له غيرها كما هو مقتضى الترجمة.

(وأراه) بضم الهمزة، أي: أظنه (قال: وقتل حمزة) عم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (-وهو خير مني-) وروى الحاكم في مستدركه، من حديث أنس: أن حمزة كفن أيضًا كذلك. (ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا-) شك من الراوي (وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا) يعني: خفنا أن ندخل في زمرة من قيل في حقه {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: ١٨]. يعني: من كانت العاجلة همه، ولم يرد غيرها، تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد.

وقيد المعجل والمعجل له بالمشيئة والإرادة لأنه لا يجد كل متمن ما يتمناه، ولا كل واحد جميع ما يهواه.

(ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام) في وقت الإفطار.

٢٨ - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلَاّ مَا يُوَارِي رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ

هذا (باب) بالتنوين (إذا لم يجد) من يتولى أمر الميت (كفنًا إلا ما يواري) يستر (رأسه) مع بقية جسده (أو) يستر (قدميه) مع بقية جسده (غطى) ولأبي ذر: غطي، بضم المعجمة (به) أي: بذلك الكفن (رأسه).

١٢٧٦ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا خَبَّابٌ -رضي الله عنه- قَالَ "هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ: فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا. قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَاّ بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ. فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ".

[الحديث ١٢٧٦ - أطرافه في: ٣٨٩٧، ٣٩١٣، ٣٩١٤، ٤٠٤٧، ٤٠٨٢، ٦٤٣٢، ٦٤٤٨].

وبالسند قال: (حدّثنا عمر بن حفص) بضم عين عمر، قال: (حدَّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران، قال: (حدّثنا شقيق) أبو وائل بن سلمة، قال: (حدّثنا خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة الأولى، بينهما ألف، ابن الأرت، بفتح الهمزة والراء وتشديد المثناة الفوقية (رضي الله عنه قال):

(هاجرنا مع النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، حال كوننا (نلتمس وجه الله) أي ذاته، لا الدنيا. والمراد بالمعية الاشتراك في حكم الهجرة إذ لم يكن معه عليه الصلاة والسلام إلا أبو بكر وعامر بن فهيرة (فوقع أجرنا على الله) وفي رواية: وجب أجرنا على الله. أي: وجوبًا شرعيًّا أي: بما وجب

<<  <  ج: ص:  >  >>