للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: ليس في هذا الحديث لفظ الجنازة إنما فيه الصلاة على غائب، أو: من في قبر، فلا مطابقة.

وأجيب: بأن المراد من الجنازة: الميت سواء كان مدفونًا أو غير مدفون، وإذا شرع الاصطفاف والجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى.

١٣١٩ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَفَّهُمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. قُلْتُ: يا أبا عمروٍ مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما".

وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو: ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا الشيباني) بفتح الشين المعجمة، سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (قال: أخبرني) بالإفراد (من شهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من الصحابة ممن لم يسم، وجهالة الصحابي لا تضر في السند، وسبق في باب: وضوء الصبيان من كتاب الصلاة قبل كتاب الجمعة بلفظ: من مر مع النبي، وللترمذي: حدّثنا الشعبي قال: أخبرني من رأى النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

(أتى) ولأبي الوقت أنه أتى (على قبر منبوذ) بتنوين قبر، موصوف بمنبوذ، بفتح الميم وسكون النون وضم الموحدة ثم ذال معجمة أي: منفرد عن القبور، ولأبي ذر: قبر منبوذ بغير تنوين على إضافة قبر إلى منبوذ أي: به لقيط منبوذ (فصفهم) على القبر (وكبر أربعًا).

قال الشيباني: (قلت) للشعبي (يا أبا عمرو) بفتح العين (من حدثك) بهذا؟ (قال) حدثني (ابن عباس رضي الله عنهما). ووجه مطابقته للترجمة: أن صفهم يدل على صفوف لكثرة الصحابة الملازمين له، عليه الصلاة والسلام، فلا يكون ذلك لا صفًا ولا صفين.

١٣٢٠ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ، فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ". قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ "كُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي".

وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم، قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أنه سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري (رضي الله عنهما، يقول: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش) بفتح الحاء المهملة والموحدة، قال في القاموس: الحبش والحبشة محركتين، والأحبش بضم الباء، جنس من السودان، ولأبي ذر، والأصيلي: من الحبش بضم المهملة وسكون الموحدة (فهلم) بفتح الميم، أي: تعالوا (فصلوا عليه).

(قال: فصففنا) بفاءين (فصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن صفوف) كذا ثبت في رواية المستملي: ونحن صفوف، وفي الفرع وأصله علامة السقوط على قوله: عليه، وعلى قوله: صفوف للأصيلي، وأبي ذر، وابن عساكر، وزاد أبو الوقت، عن الكشميهني معه، بعد قوله: ونحن.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فصففنا، وقال ابن حجر: إن زيادة المستملي: ونحن صفوف تصحح مقصود الترجمة. اهـ. وحينئذ فعلى رواية غيره لا مطابقة، فالأحسن قول الكرماني: فصففنا كما مر، والواو في قوله: ونحن صفوف، للحال.

(وقال أبو الزبير) بضم الزاي وفتح الموحدة، محمد بن مسلم بن تدرس، بفتح المثناة الفوقية وسكون الدال وضم الراء آخره سين مهملة مما وصله النسائي (عن جابر) قال: (كنت في الصف الثاني) يوم صلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على النجاشي. واستدلّ به على مشروعية الصلاة على الغائب، وبه قال الشافعي رحمه الله، وأحمد، وجمهور السلف. حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه.

قال الشافعي، مما قرأته في سنن البيهقي: إنما الصلاة دعاء للميت، وهو إذا كان ملففًا ميتًا يصلّى عليه، فكيف لا ندعو له غائبًا أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به وهو ملفف؟ وأجاب القائلون بالمنع، وهم الحنفية والمالكية، عن قصة النجاشي: بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد، فتعينت عليه الصلاة لذلك، أو أنه خاص بالنجاشي لإرادة إشاعة أنه مات مسلمًا، أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته، فليس ذلك لغيره. أو أنه كشف له، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عنه حتى رآه ولم بره المأمومون، ولا خلاف في جوازها وتعقبه ابن دقيق العيد بأنه يحتاج إلى نقل، ولا يثبت بالاحتمال. اهـ.

وقال ابن العربي: قال المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلنا: وما عمل به-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تعمل به أمته، يعني: لأن الأصل عدم الخصوصية. قالوا: طويت له الأرض، وأحضرت الجنازة بين يديه، قلنا: إن ربنا لقادر، وإن نبينا لأهل لذلك. ولكن لا تقولوا إلا ما رأيتم، ولا تخترعوا من عند أنفسكم، ولا تحدثوا إلا بالثابتات.

<<  <  ج: ص:  >  >>