للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال):

(العبد) المؤمن المخلص (إذا وُضع في قبره وتولى) بضم الواو وكسر الضاد، من: وضع، وفتح المثناة الفوقية والواو واللام من: تولى، مبنيًّا للفاعل، أي: أدبر (وذهب أصحابه) من باب تنازع العاملين، وقول ابن التين: إنه كرر اللفظ، والمعنى واحد، تعقب أن التولي هو: الإعراض، ولا يلزم منه الذهاب، وفي اليونينية: وتُولّي بضم الفوقية وكسر الواو واللام، مصحح عليهما، وفي غيرها بضم الواو مبنيًا للمفعول، قال الحافظ ابن حجر: إنه رآه كذلك مضبوطًا بخط معتمد، أي: تولي أمره أي: الميت وسيأتي في رواية عياش بلفظ: وتولى عنه أصحابه، وهو الموجود في جميع الروايات، عند مسلم وغيره.

(حتى إنه) أي الميت، وهمزة إن مكسورة لوقوعها بعد حتى الابتدائية كقولهم: مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه، قاله الزركشي، والبرماوي وغيرهما، وزاد الدماميني أيضًا: وجود لام الابتداء المانع من الفتح في قوله: (ليسمع قرع نعالهم) بفتح القاف وسكون الراء، وهذا موضع الترجمة، لأن الخفق والقرع بمعنى واحد، وإنما ترجم بلفظ: الخفق إشارة إلى وروده بلفظه عند أحمد، وأبي داود من حديث البراء في حديث طويل فيه: وإنه ليسمع خفق نعالهم، زاد في رواية إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن أبيه عن أبي هريرة عند ابن حبان في صحيحه: إذا ولوا مدبرين.

(أتاه ملكان) بفتح اللام، وهما المنكر والنكير، وسميا بذلك لأنهما لا يشبه خلقهما خلق الآدميين، ولا الملائكة، ولا غيرهم. بل لهما خلق منفرد بديع، لا أنس فيهما للناظر إليهما، أسودان أزرقان، جعلهما الله تعالى تكرمة للمؤمن ليثبته ويبصره، وهتكًا لسر المنافق في البرزخ، من قبل أن يبعث، حتى يحل عليه العذاب الأليم، وأعاذنا الله من ذلك بوجهه الكريم ونبيه الرؤوف الرحيم، (فأقعداه) أي: أجلساه غير فزع، (فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل، محمد) بالجر عطف بيان، أو بدل من سابقه (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟) ولم يقولا: ما تقول في هذا النبي؟ أو غيره من ألفاظ التعظيم، لقصد الامتحان للمسؤول، إذ ربما تلقن تعظيمه من ذلك، ولكن {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: ٢٧] (فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال) أي: فيقول له الملكان

المذكوران أو غيرهما: (انظر إلى مقعدك من النار، أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فيراهما جميعًا) أي: المقعدين اللذين أحدهما من الجنة والآخر من النار، أعاذنا الله منها (وأما الكافر -أو المنافق-) شك الراوي، لكن: الكافر لا يقول المقالة المذكورة، فتعين: المنافق (فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس! فيقال) أي: فيقول المنكر والنكير، أو غيرهما: (لا دريت) بفتح الراء (ولا تليت) بالمثناة التحتية الساكنة بعد اللام المفتوحة، وأصله: تلوت، بالواو.

يقال: تلا يتلو القرآن، لكنه قال: تليت بالياء للازدواج مع دريت أي: لا كنت داريًا ولا تاليًا. وقال في الفائق: أي: لا علمت بنفسك بالاستدلال، ولا اتبعت العلماء بالتقليد فيما يقولون، أو: لا تلوت القرآن، أي: لم تدر، ولم تتل، أي: لم تنتفع بدرايتك ولا تلاوتك، ولأبي ذر: ولا أتليت، بهمزة مفتوحة وسكون التاء. قال ابن الأنباري: وهو الصواب، دعاء عليه بأن لا تتلى إبله، أي: لا يكون لها أولاد تتلوها أي: تتبعها. وتعقبه ابن السراج: بأنه بعيد في دعاء الملكين. قال: وأي مال للميت.

وأجاب عياض باحتمال أن ابن الأنباري رأى أن هذا أصل الدعاء، استعمل في غيره كما استعمل غيره من أدعية العرب، وقال الخطابي، وابن السكيت: الصواب: ائتليت، بوزن: افتعلت، من قولك: ما ألوته، ما استطعته. و: لا آلو كذا بمعنى: لا أستطيعه. قال صاحب اللامع الصبيح: لكن بقاء التاء مع ما قرره، أي الخطابي: آلو بمعنى أستطيع مشكل وقال ابن بري: من روى تليت فأصله ائتليت بهمزة بعد همزة الوصل، فحذفت تخفيفًا، فذهبت همزة الوصل، وسهل ذلك لمزاوجة دريت.

(ثم يضرب) الميت بضم أوّل يضرب، وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (بمطرقة) بكسر الميم (من حديد) صفة لمطرقة، و: من، بيانية، أو: حديد، صفة لمحذوف أي: من ضارب حديد، أي: قوي شديد الغضب، والضارب

<<  <  ج: ص:  >  >>