للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مفعل، من الحياة والموت (ومن فتنة المسيح الدجال) بفتح الميم وبالسين والحاء المهملتين، لأن إحدى عينيه ممسوحة، فيكون فعيلاً بمعنى مفعول، أو لأنه يمسح الأرض أي: يقطعها في أيام معدودة، فيكون بمعنى: فاعل وصدور هذا الدعاء منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سبيل العبادة والتعليم.

وفي الحديث: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، ورواية يماني وبصري ومدني، وفيه: التحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم في الصلاة.

٨٩ - باب عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ

(باب) بيان (عذاب القبر) الحاصل (من الغيبة) بكسر الغين وهي: ذكر الإنسان في غيبته بسوء، وإن كان فيه (و) باب: بيان عذاب القبر من أجل عدم الاستنزاه من (البول). وخصهما بالذكر لتعظيم أمرهما، لا لنفي الحكم عن غيرهما، نعم، هما أمكن.

وقد روى أصحاب السنن الأربعة: استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه.

١٣٧٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ. ثُمَّ قَالَ: بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآخر فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ. قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا، مَا لَمْ يَيْبَسَا".

وبالسند قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد، قال: (حدّثنا جرير) هو: ابن أبي حازم (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن مجاهد) هو: ابن جبر (عن طاوس) هو: ابن كيسان (قال ابن عباس) ولأبي ذر: عن ابن عباس (رضي الله عنهما):

(مر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قبرين، فقال: انهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير) دفعه (ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (بلى) إنه كبير من جهة الدين (أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة) المحرمة (وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) من الاستتار، وهو مجاز عن الاستنزاه. كما مر البحث فيه.

(قال) ابن عباس: (ثم أخذ عودًا رطبًا) في غير هذه الرواية: ثم أخذ جريدة رطبة (فكسره) أي العود (باثنتين) بتاء التأنيث، ولأبي ذر: باثنين، بحذفها (ثم غرز كل واحد منهما) أي: من

العودين (على قبر) منهما (ثم قال لعله يخفف عنهما) العذاب، وفاء يخفف الأولى مفتوحة (ما لم ييبسا) أي مدة دوامهما إلى زمن يبسهما. وليس للغيبة التي هي أحد جزأي الترجمة ذكر في الحديث. فقيل: لأنهما متلازمان، لأن النميمة مشتملة على نقل كلام المغتاب الذي اغتابه. والحديث عن المنقول عنه بما لا يريده.

وعورض بأنه لا يلزم من الوعيد على النميمة ثبوته على الغيبة وحدها، لأن مفسدة النميمة أعظم، فإذا لم تساوها لم يصح الإلحاق، إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف.

وأجيب: بأنه لا يلزم من الإلحاق وجود المساواة، والوعيد على الغيبة التي تضمنتها النميمة موجود، فيصح الإلحاق بهذا الوجه.

وقد وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ: الغيبة، فلعل المصنف جرى على عادته في الإشارة في الترجمة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث.

٩٠ - باب الْمَيِّتِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ

(باب الميت) بإضافة باب لتاليه، ولأبي ذر: باب، بالتنوين، الميت (يعرض عليه بالغداة) ولأبوي ذر، والوقت؛ مقعده بالغداة (والعشي) أي: وقتهما. لأن الموتى لا صباح عندهم ولا مساء.

١٣٧٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». [الحديث ١٣٧٩ - طرفاه في: ٣٢٤٠، ٦٥١٥].

وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (زضي الله عنهما، أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال):

(إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي) أي: فيهما، ويحتمل أن يحيا منه جزء ليدرك ذلك، وتصح مخاطبته والعرض عليه أو العرض على الروح فقط، لكن ظاهر الحديث الأول؛ وهل العرض مرة واحدة بالغداة، ومرة أخرى بالعشي فقط؟ أو كل غداة وكل عشي؟ والأول موافق للأحاديث السابقة في سياق المسألة، وعرض المقعدين على كل واحد، (إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) ظاهره اتحاد الشرط والجزاء، لكنهما متغايران في التقدير، ويحتمل، أن يكون تقديره: فمن مقاعد أهل الجنة. أي: فالمعروض عليه من مقاعد أهل الجنة، فحذف المبتدأ والمضاف المجرور بمن، وأقيم المضاف إليه مقامه. وفي رواية مسلم، بلفظ: إن كان من أهل الجنة فالجنة، وإن كان

من أهل النار فالنار. تقديره: فالمعروض الجنة أو المعروض النار، فاقتصر فيها على حذف المبتدأ، فهي أهل حذفًا. أو المعنى: فإن كان من أهل الجنة فسيبشر بما لا يدرك كنهه، ويفوز بما لا يقدر قدره (وإن كان من أهل النار) زاد أبو ذر: فمن أهل النار. أي: فمقعده من مقاعد

<<  <  ج: ص:  >  >>