للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ».

فَقَرَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا تَرَى سُنَّةَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِسُنَّتِهِ، وَإِنَّ مِنِ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِمُ، وَإِنَّ الْمُحْدَثَاتِ خِلَافُ ذَلِكَ، لَيْسَتْ مِنْهَا فِي شَيْءٍ، لِأَنَّهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِيمَا سَنُّوهُ: إِمَّا مُتَّبِعُونَ لِسُّنَّةِ نَبِيِّهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَفْسِهَا، وَإِمَّا مُتَّبِعُونَ لِمَا فَهِمُوا مِنْ سُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ عَلَى وَجْهٍ يَخْفَى عَلَى غَيْرِهِمْ مِثْلُهُ، لَا زَائِدَ عَلَى ذَلِكَ.

وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ.

عَلَى أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمَ نَقَلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قَوْلَ السَّلَفِ الصَّالِحِ: " سُنَّةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "، أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ: " أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ السُّنَّةِ، وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ ".

وَمَا قَالَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَا زَائِدَ إِذًا عَلَى مَا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ; إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُخَافُ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً بِسُنَّةٍ أُخْرَى، فَافْتَقَرَ الْعُلَمَاءُ إِلَى النَّظَرِ فِي عَمَلِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَاسِخٌ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِهِ.

وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَنَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي احْتِجَاجِهِ بِالْعَمَلِ، وَرُجُوعِهِ إِلَيْهِ عِنْدَ تَعَارُضِ السُّنَنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>