للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدُّعَاءِ الْمَفْرُوضِ عَلَى الْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ حَصَلَ، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنَفْعًا (كَانَ) أَوْ ضُرًّا، وَخَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا، وَيَبْنُونَ عَلَى ذَلِكَ اعْتِقَادَ بُلُوغِ النِّهَايَةِ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، أَوْ حَصَلَ نَوْعٌ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، كَلَّا! لَيْسَ طَرِيقُ ذَلِكَ التَّأْثِيرِ مِنْ مُرَادِهِمْ، وَلَا كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ مِنْ نَتَائِجِ أَوْرَادِهِمْ، فَلَا تَلَاقِي بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ النَّارِ وَالْمَاءِ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَلِمَ يَحْصُلُ التَّأْثِيرُ حَسْبَمَا قَصَدُوا؟

فَالْجَوَابُ: إِنَّ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ مِنْ قَبِيلِ الْفِتْنَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا فِي الْخَلْقِ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: ٩٦]، فَالنَّظَرُ إِلَى وَضْعِ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ أَحْكَامٌ وَضَعَهَا الْبَارِي تَعَالَى فِي النُّفُوسِ، يَظْهَرُ عِنْدَهَا مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ التَّأْثِيرَاتِ، عَلَى نَحْوِ مَا يَظْهَرُ عَلَى الْمَعِينِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ، وَعَلَى الْمَسْحُورِ عِنْدَ عَمَلِ السِّحْرِ، بَلْ هُوَ بِالسِّحْرِ أَشْبَهُ؛ لِاسْتِمْدَادِهِمَا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ.

وَشَاهِدُهُ مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي (وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ»، وَشَرْحُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لَا يَلِيقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ وَضْعَ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ، عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْبِدَعِ الْمُحْدَثَاتِ، لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ الْبِدْعَةُ فِيهَا إِضَافِيَّةً، بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>