للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمِيَ ظَهْرُهُ، فَيُتْرَكُ فَيُسَمُّونَهُ الْحَامِيَ.

وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنِّي لِأَعْرِفُ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَأَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ: قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ أَبُو بَنِي كَعْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ، يُؤْذِي رِيحُهُ أَهْلَ النَّارِ، وَإِنِّي لِأَعْرِفُ أَوَّلَ مَنْ بَحَرَ الْبَحَائِرَ، قَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، وَكَانَتْ لَهُ نَاقَتَانِ، فَجَدَعَ أُذُنَيْهِمَا وَحَرَّمَ أَلْبَانَهُمَا، ثُمَّ شَرِبَ أَلْبَانَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ هُوَ وَهُمَا يَعُضَّانِهِ بِأَفْوَاهِهِمَا وَيَخْبِطَانِهِ بِأَخْفَافِهِمَا».

وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَيْهِ، مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا بِحُكْمِ الشَّرِيعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَلَقَدْ هَمَّ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحَرِّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ الِانْقِطَاعُ إِلَى اللَّهِ عَنِ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا وَشَوَاغِلِهَا، فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: ٨٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>