للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ أَتَى بَعْضُ مَنْ نُسِبَ إِلَى الْفِرَقِ مِمَّنْ حَرَّفَ التَّأْوِيلَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَأَجَازَ نِكَاحَ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، إِمَّا اقْتِدَاءً ـ فِي زَعْمِهِ ـ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أَحَلَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِمَّا تَحْرِيفًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣].

فَأَجَازَ الْجَمْعَ بَيْنَ تِسْعِ نِسْوَةٍ، ذَلِكَ، وَلَمْ يَفْهَمِ الْمُرَادَ مِنَ الرَّاوِي وَلَا مِنْ قَوْلِهِ: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] فَأَتَى بِبِدْعَةٍ أَجْرَاهَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا مُسْتَنَدَ فِيهَا.

وَيُحْكَى عَنِ الشِّيعَةِ أَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْقَطَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَنْ دَانَ بِحُبِّهِمْ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ إِلَّا بِمَا تَطَوَّعُوا، وَأَنَّ الْمَحْظُورَاتِ مُبَاحَةٌ لَهُمْ كَالْخِنْزِيرِ وَالزِّنَا وَالْخَمْرِ وَسَائِرِ الْفَوَاحِشِ، وَعِنْدَهُمْ نِسَاءٌ يُسَمَّيْنَ النَّوَّابَاتِ يَتَصَدَّقْنَ بِفُرُوجِهِنَّ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ، وَيَنْكِحُونَ مَا شَاءُوا مِنَ الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ، لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي تَكْثِيرِ النِّسَاءِ. وَهَؤُلَاءِ الْعُبَيْدِيَّةُ الَّذِينَ مَلَكُوا مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ.

وَمِمَّا يُحْكَى عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَزْوَاجٍ وَأَكْثَرُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ يَسْتَدِلُّونَهَا وَتَنْسُبُ الْوَلَدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَهْنَأُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، كَمَا الْتَزَمَتِ الْإِبَاحِيَّةُ خَرْقَ هَذَا الْحِجَابَ بِإِطْلَاقٍ، وَزَعَمَتْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>