للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} [الشعراء: ٧٢] فَنَبَّهَهُمْ عَلَى وَجْهِ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ فَاسْتَمْسَكُوا بِمُجَرَّدِ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ، فَقَالُوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٧٤] وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ:

«اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا» إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الِاسْتِنَانِ بِالرِّجَالِ كَيْفَ كَانَ.

وَفِيمَا يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: إِيَّاكُمْ وَالِاسْتِنَانَ بِالرِّجَالِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْقَلِبُ لِعِلْمِ اللَّهِ فِيهِ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَمُوتُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَنْقَلِبُ لِعِلْمِ اللَّهِ فِيهِ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَمُوتُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ، فَبِالْأَمْوَاتِ لَا بِالْأَحْيَاءِ. فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَمَلِ أَحَدٍ الْبَتَّةَ، حَتَّى يَثْبُتَ فِيهِ وَيَسْأَلَ عَنْ حُكْمِهِ، إِذْ لَعَلَّ الْمُعْتَمِدَ عَلَى عَمَلِهِ يَعْمَلُ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ. وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَا تَنْظُرْ إِلَى عَمَلِ الْعَالِمِ. وَلَكِنَّ سَلْهُ يَصْدُقْكَ. وَقَالُوا: ضَعْفُ الرَّوِيَّةِ أَنْ يَكُونَ رَأَى فُلَانًا يَعْمَلُ مِثْلَهُ. وَلَعَلَّهُ فَعَلَهُ سَاهِيًا. وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. لِأَنَّهُ دَلِيلٌ ثَابِتٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>