للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْتَصُّ بِالْمَدْحِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ شَاذٍّ مُخَالِفٍ لَهُمْ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَأَصْلُ هَذِهِ الْعَلَامَةِ فِي الِاعْتِبَارِ تَكْفِيرُ الْخَوَارِجِ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - الصَّحَابَةَ الْكِرَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَإِنَّهُمْ ذَمُّوا مَنْ مَدَحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاتَّفَقَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى مَدْحِهِمْ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَمَدَحُوا مَنِ اتَّفَقَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى ذَمِّهِ كَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ قَاتِلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَصَوَّبُوا قَتْلَهُ إِيَّاهُ، وَقَالُوا: إِنَّ فِي شَأْنِهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٠٧] وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [البقرة: ٢٠٤]، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَبُوا - قَاتَلَهُمُ اللَّهُ - وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ فِي مَدْحِهِ لِابْنِ مُلْجِمٍ.

يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا ... إِلَّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوَانًا

إِنِّي لَأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسَبُهُ ... أَوْفَى الْبَرِّيَّةِ عِنْدَ اللَّهِ مِيزَانًا.

وَكَذَبَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَإِذَا رَأَيْتَ مَنْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الطَّرِيقِ، فَهُوَ مِنَ الْفِرَقِ الْمُخَالَفَةِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَرُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْيَسَعَ، قَالَ: تَكَلَّمَ وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ يَوْمًا - يَعْنِي الْمُعْتَزِلِيَّ - فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: أَلَا تَسْمَعُونَ؟ مَا كَلَامُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ - عِنْدَمَا تَسْمَعُونَ - إِلَّا خِرْقَةُ حَيْضٍ مُلْقَاةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>