للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمَذْهَبِ (يَعْنِي مَذْهَبَ مَالِكٍ) لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي مَذْهَبِهِ. وَكَانَ ابْنُ مُجَاهِدٍ مُحَافِظًا عَلَيْهِ. فَكَرِهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْهُ تَرْكَ الدُّعَاءِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ فَأَبَى، وَبَقِيَ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَرْكِهِ فِي أَعْقَابِ الصَّلَوَاتِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي صَلَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعَتَمَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا انْقَضَتْ وَخَرَجَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى دَارِهِ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ: قَدْ قُلْنَا لِهَذَا الرَّجُلِ يَدْعُو إِثْرَ الصَّلَوَاتِ فَأَبَى، فَإِذَا كَانَ فِي غَدْوَةِ غَدٍ أَضْرِبُ رَقَبَتَهُ بِهَذَا السَّيْفِ وَأَشَارَ فِي يَدِهِ فَخَافُوا عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا عَلِمُوا مِنْهُ، فَرَجَعَتِ الْجَمَاعَةُ بِجُمْلَتِهَا إِلَى دَارِ ابْنِ مُجَاهِدٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ خِفْنَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَقَدِ اشْتَدَّ الْآنَ غَضَبُهُ عَلَيْكَ فِي تَرْكِكَ الدُّعَاءَ. فَقَالَ لَهُمْ: لَا أَخْرُجُ عَنْ عَادَتِي، فَأَخْبَرُوهُ بِالْقِصَّةِ. فَقَالَ لَهُمْ - وَهُوَ مُبْتَسِمٌ -: انْصَرِفُوا وَلَا تَخَافُوا فَهُوَ الَّذِي تُضْرَبُ رَقَبَتُهُ فِي غَدْوَةِ غَدٍ بِذَلِكَ السَّيْفِ بِحَوْلِ اللَّهِ، وَدَخَلَ دَارَهُ، وَانْصَرَفَتِ الْجَمَاعَةُ عَلَى ذُعْرٍ مِنْ قَوْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. فَلَمَّا كَانَ مَعَ الصُّبْحِ وَصَلَ إِلَى دَارِ الرَّجُلِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَمَنْ عَلِمَ حَالَ الْبَارِحَةِ حَتَّى وَصَلُوا إِلَيْهِ إِلَى دَارِ الْإِمَامَةِ بِبَابِ جَوْهَرٍ مِنْ إِشْبِيلِيَّةَ، وَهُنَاكَ أَمَرَ بِضَرْبِ رَقَبَتِهِ بِسَيْفِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِلْإِجَابَةِ وَإِثْبَاتًا لِلْكَرَامَةِ.

وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الْإِشْبِيلِييِّنَ الْحِكَايَةَ بِمَعْنَى هَذِهِ لَكِنْ عَلَى نَحْوٍ آخَرَ.

وَلَمَّا رَدَّ وَلَدُ ابْنِ الصَّقْرِ عَلَى الْخَطِيبِ فِي خُطْبَتِهِ وَذَلِكَ حِينَ فَاهَ بِاسْمِ الْمَهْدِيِّ وَعِصْمَتِهِ، أَرَادَ الْمُرْتَضَى مِنْ ذُرِّيَّةِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ - وَهُوَ إِذْ ذَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>