للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين حد الإسلام والإيمان الواجب]

يفرق الباحث بين حد الإسلام وبين ما دونه، فعنده فرق بين حد الإسلام وبين الإيمان الواجب، فالإيمان الواجب يقع فيه تفاوت، ويقبل الازدياد والنقصان.

الإيمان الواجب العملي من أداء المفروضات وترك المحرمات، هذا هو الجانب العملي من الإيمان بعد ثبوت حد الإسلام، فحد الإسلام إذا اختل ركن من أركانه، أو شيء من أسسه يحبط كل الإيمان، ولا يستحق الإنسان صفة المسلم، أما العمل فهو فعل الفرائض واجتناب المحارم، وهذا هو الذي يحصل فيه الزيادة والنقصان.

يقول: عندما يكون الإسلام قسيماً للإيمان في الدلالة بمجموعهما على أصل الدين، يكونان متلازمين لا يقبل أحدهما بدون الآخر، وتخلف العمل هنا كفر؛ لأنه لا إيمان يقبل بدون إسلام، وإذا عبر بالإيمان عن مجموعهما فإنه في هذه الحالة لا يتبعض ولا يزيد ولا ينقص، وفي حالة الإيمان الواجب فإن الإيمان يزيد وينقص، وإذا ذهب بعضه بقي بعضه، ومن خرج من الإيمان الواجب بترك الفرائض وارتكاب المحرمات خرج من الإيمان إلى الإسلام، فلم يخرج من الإيمان مطلقاً، ولكن خرج من الإيمان الواجب إلى الإيمان المجمل؛ لأن الإسلام لا بد له من إيمان يصح به، فإذا ذهب العمل بقي التوحيد بشقيه القولي والعملي، ولهذا فإن الإيمان الواجب يتبعض ويستثنى منه، ولا يستثنى في الإسلام ولا الإيمان المجمل بل يقطع به.

يعني: لا يجوز أن يقال: إن شاء الله، فهنا الإيمان المجمل لا يتبعض ولا يزيد ولا ينقص، لكن الإيمان الواجب الذي هو أداء الفرائض وترك المحرمات، يرد عليه ذلك كله.

وقرر أيضاً في موضع آخر أن الفروع تتبعض وتتساوى، والأصل لا تفاوت ولا تبعيض بين أركانه.

وفي ضوء هذا الكلام نناقش قضيتين: الأولى: هل الإيمان المجمل قابل للتبعيض والتفاوت والنقص والزيادة أم لا؟ والثانية: ما هو ذلك الإيمان المجمل؟ وبلغة الكاتب واصطلاحه: ما هو حد الإسلام الذي عقد الكاتب مُؤَلَّفه كله لتقريره؟ قبل الخوض في جواب هذين السؤالين نقف أولاً عند هذه التسمية، لننظر مدى دقة هذا التعبير عن المعنى الذي قصده الكاتب به، والذي ذكرنا خصائصه وسماته آنفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>