للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فساد المجتمعات التي تحكم بالقوانين الوضعية]

إن الإنسان إذا نظر إلى أرقى المجتمعات التي يسمونها متحضرة وبالذات العالم الغربي تجد أن نسبة الإجرام فيها متزايدة ومرتفعة، مع أنهم وضعوا هذه القوانين التي يتشدقون بها من أجل الأمان والرفاهية والرخاء والتقدم، إلى آخر هذه الدعاوى، ثم إذا نظرت إلى واقع هذه المجتمعات تجدها عبارة عن غابات يعيش فيها مجموعة من الوحوش، لا يصح نسبتهم إلى البشر، يعيشون في حالة من الهمجية والتردي والضياع لا يستطيع أن يتخيلها إنسان، ولو قدر أن يكشف النقاب عن التزوير الذي يحصل في نقل صورة المجتمع الغربي لفوجئ الناس بالذات هنا في البلاد الإسلامية أننا في حالة رقي أخلاقي واجتماعي وعقائدي، وبيننا وبينهم مفاوز وفلوات تنقطع دونها أكباد الإبل، لا تحلم أمريكا ولا الغرب بعشر معشار ما عليه المجتمعات الإسلامية الآن؛ ببركة بقايا الإسلام الموجودة، فما ظنك إذا كان كل الإسلام مطبقاً في مجتمعاتنا؟ هم لا يحلمون بما نعيش فيه، نحن الآن هنا في هذه البلاد لا نشعر بالنعم؛ لأننا لم نفقدها، لكن اسألوا من يذهب إلى تلك البلاد، ويرى الضياع الذي إذا تكلم الإنسان فيه يستغرق ساعات وساعات، فأعلى نسب الإجرام موجودة في هذه المجتمعات التي وضعت هذه القوانين، والتي تزين لنا هذه القوانين، لكن إذا ذهبت إلى المدينة المنورة أو إلى مكة المكرمة تجد منظراً نتحدى به العالم أجمع، هذا المنظر هو منظر الرجل الصراف الذي يجلس في السوق أمام الحرم المكي أو المدني، رجل بسيط يجلس على الرصيف وأمامه أكوام من الأموال والدولارات والريالات والجنيهات، عملة جميع بلاد العالم موجودة أمامه بالأكوام، والناس يغدون ويروحون بالآلاف من أمامه، والرجل في حال من الأمان بثمرة وبركة الإسلام وتربية الإسلام لهذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، اسألوا أي إنسان يعيش في مدينة نيويورك، وتخيلوا لو أن مثل هذا الرجل في أفخم حي في العالم وهو منهاتن في نيويورك صاحبة ناطحات السحاب، فإن الأمر لا يحتاج سوى وقت يسير حتى يقتل هذا الرجل وينهب هذا المال نهباً، فهذا مما نفاخر به الدنيا، هذا منظر يسير جداً يعكس مدى الأمن رغم انحراف المسلمين عن حقيقة الإسلام إلى حد بعيد، فلا يستطيع إنسان أن يمشي بحقيبة فيها نقود، لابد أن تضع يدك في جيبك حينما ترى رجلاً مقبلاً في الطريق حتى توهمه أن معك مسدساً، حتى لا يحاول أن يقتلك أو يأخذ منك شيئاً، وعلى ما نحن عليه من البعد عن الإسلام ومع بقايا الإسلام التي بقيت في مجتمعاتنا تجد الأمان، فكيف بنا إذا طبقنا الإسلام بكامله في مجتمعاتنا فأكثر بلاد الدنيا أمناً هي أقربها إلى بقايا الشريعة الإسلامية، وأكثر البلاد إجراماً هي هذه البلاد التي تدعي الحضارة والتقدم، وتزين قوانينها الكفرية، وتحارب شريعة الله تبارك وتعالى، ويقولون: حقوق الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>