للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاتجاهات الفكرية المعاصرة لسيد قطب وانهزاميتها]

كاتب في مجلة البيان يتكلم عن الجوانب التجديدية، ويرفض مقولة: إن الأستاذ سيد قطب رحمه الله كان تلميذاً لمن سبقه من الدعاة في هذا الميدان، يقول الكاتب: ومن يدقق النظر بمؤلفاته وسيرة حياته يتبين له خطأ هذا القول، ومجانبته للصواب.

على أي الأحوال: الإنصاف يقضي بأننا لا نستطيع أن نفصل نتاج الإنسان الفكري بالذات عن البيئة التي تحيط به، فلا شك بصورة أو بأخرى أن الأستاذ سيد رحمه لله له تأثر بهذه البيئة الدعوية حينما ارتبط بالإخوان، وإن حصل انعطاف في اتجاه آخر عن اتجاه الإخوان الأصلي، وهو الاتجاه البرلماني فيما بعد، لكن هو نفسه في بعض مقالاته كان يشيد ويتحدث باعتزاز كبير عن انتمائه لجماعة الإخوان ولدعوتها، وهذا أمر ينبغي أن نلتفت إليه؛ فإن الدعوة الإسلامية في الفترات الأخيرة في العصر الحديث ما قفزت هذه القفزة في وضوح المفاهيم بصورة الطفرة، لكن حصل نوع من التدرج فيما وصلت إليه الآن من تميز ووضوح في المفاهيم، والقاعدة العامة من الشباب المصري في الفترة التي ظهرت فيها دعوة الشيخ حسن البنا رحمه الله، كانت القاعدة العريضة من الشباب مفتونة جداً بالتيارات الفكرية الوافدة من الغرب، والاتجاهات الغربية، وتمجيد الحضارة الغربية والافتتان بها بصورة انعكست حتى على كبار المفكرين في ذلك الوقت، وما محمد عبده ورشيد رضا ومدرستهما منا ببعيد، فإنك إذا طالعت مجلة المنار، تعجب من النظرة الانهزامية التي كان يتحدث بها بعض الكتاب عن الغرب، فكلما ظهر شيء لابد أن يربطوه بالإسلام، فهذه النظرة الانهزامية ظهرت أكثر أيضاً في كتاب تفسير الجواهر للشيخ طنطاوي جوهري، ومن طالع الكتاب يتعجب فمع أن الكتاب من كتب التفسير لكن ما فيه ليس التفسير، فهو كتاب علوم، فلك، موسيقى، رسم، أي شيء من حين يفتح الكتاب فيجد خرائط حفريات، أنواع الموسيقى وأنواع أجهزة الموسيقى، ويزعم أن كل العلوم موجودة في القرآن، ففيه كل شيء ما عدا التفسير.

هذه الصورة أيضاً من صور الانهزام الذي انتاب عمود الأمة في هذه الفترة، كانت ما تزال فترة احتكاك، فعندما يأتي إنسان من وسط محافظ مثل الصحاري أو القرى، يكون هذا الإنسان ليس عنده مناعة كافية، فتجده يتجه إلى الهاوية بسرعة شديدة جداً، مما يسبب نقلة طفرية، هذا الذي حصل في مجتمع مصر لما انفتح على الغرب، وبهت بالتقدم الغربي المذهل، وانعكس هذا حتى على الإسلاميين، فكل شيء يربطونه بالإسلام، فحصلت هذه النظرة الانهزامية، وأصحابها قصدوا خيراً بذلك، لكن هذه كانت طبيعة الفترة.

<<  <  ج: ص:  >  >>