للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آثار دعوة التكفير]

يقول: ولكن لا يفوتني هنا أن أذكر أن إمام فرقة التكفير ومؤسسها الراحل قد جعل إشراف الشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله على المساجد في مصر هو أحد دليلين -بل أول دليلين- على كفر الرجل، وهو ما بنى عليه خطته الآثمة في خطف ذلك الشيخ الطاعن في السن وقتله غيلة وغدراً، فقد سئل في غرفة المداولة أثناء محاكمته: وما رأيك في المرحوم الشيخ الذهبي أمسلم هو أم كافر؟ فأجاب: هو عندي كافر.

السؤال

وما دليلك؟ قال: دليلي أنه كان يعمل في هيئة الأوقاف، وكان وزيراً لها، ومديراً للإشراف على مساجد الضرار، جريمته أنه مدير إشراف على مساجد الضرار، وقد أقسم اليمين على الحكم بغير ما أنزل الله في قسم الوزراء، وهو ما لا يمكن أن يعتبر جهلاً منه بوجوب الحكم بما أنزل الله.

فاعتبر أن قسمه على الدستور في حقه إنكار لوجوب الحكم بما أنزل الله، واعتبره -أيضاً- قسماً على الحكم بغير ما أنزل الله، أي: كأنه قال: أقسم بالله أن أحكم بغير ما أنزل الله.

يقول: وكلا الاتهامين الخطيرين كفر لا شك فيه، لكن لا يمكن إثباتهما عليه بمثل هذا التساهل والتجرؤ في استصدار الأحكام؛ لأن هناك أوجه تأول كثيرة، وأعذاراً لابد من انتفائها حتى يحكم على الشخص المعين بالكفر ليس هذا مقام تفصيلها.

يقول: وأنا أعرف أن أسلوب التكفير والهجرة هذا في استصدار الأحكام يروق للكثيرين، خاصة المتعالمين وبعض الشباب ذوي الفهم المتسر والعلم الضئيل بأصول الأحكام وضوابطها، ولكن أحكام الإسلام العتيدة ليست بأماني أحد، وإنما هي شريعة محكمة بضوابطها، ثابتة في أصولها هيهات أن تتبدل أو تتحول وفقاً لرغبة أحد أو اتجاه طائفة.

أما الإشراف على المساجد وتعميرها فهو إن ابتغي به وجه الله خالصاً فهو عمل صالح وقربة إلى الله، ولكن الموازين المختلة تجعله دليلاً على الكفر يوجب استحلال الدماء والأموال والأعراض، ثم الاستعلاء على عباد الله، والتطاول عليهم بالدعاوى العريضة والمزاعم الفارغة، أين هؤلاء جميعاً ومن يتبعهم في الدعوة إلى تخريب المساجد والعدوان بوصفها بمساجد الضرار ومعابد الجاهلية؟! أين هم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة)، وفي رواية: (بنا الله له في الجنة مثله)؟! وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بنى لله مسجداً ليذكر الله فيه بنى الله له بيتاً في الجنة).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من بنى مسجداً صغيراً كان أو كبيراً بنى الله له بيتاً في الجنة).

<<  <  ج: ص:  >  >>