للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى كلمة البربر وصلة هذه الكلمة بالتصرفات البربرية]

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فسنفتح اليوم بإذن الله صفحة جديدة من صفحات التاريخ الإسلامي، مع الصفحة العاشرة من صفحات الأندلس: من الفتح إلى السقوط.

وقد وقفنا في الحلقة السابقة على موقعة الزلاقة وخاتمتها، وكيف انتصر فيها القائد الرباني المجاهد الورع التقي يوسف بن تاشفين اللمتوني رحمه الله، وكيف قضى في الحكم قرابة (٤٧ عاماً) ثم توفي رحمه الله في سنة (٥٠٠) من الهجرة، واستخلف على الحكم من بعده علي بن يوسف بن تاشفين رحمه الله.

وقبل الخوض في نتائج موقعة الزلاقة وما حدث بعدها من أحداث نجيب على سؤالين بخصوص الحلقة السابقة وهما: السؤال الأول: ما معنى كلمة البربر؟ وما صلة البربر بالتصرفات البربرية عند بعض الناس؟ والحق أن كلمة البربر منفصلة كلية عن كلمة البرابرة أو التصرفات البربرية الهمجية، فالبربر جنس من الناس، مثل: العرب أو الفرس أو الروم، وهم من أولاد حام يعني: هم حاميون، والعرب ساميون، فالبربر حاميون كالأوروبيين في أغلب الظن، وكونهم ليسوا بعرب هذه مسألة لا يجب أن نقف عندها كثيراً، فقد تحدثنا عنها في دروس سابقة، إنما نريد أن نوسع مداركنا ونظرتنا للأمور.

فلا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، والعرب وغير العرب نصروا الإسلام كثيراً، وفي هذه السلسلة من الأحداث في تاريخ الأندلس تكلمنا عن طارق بن زياد ويوسف بن تاشفين وأبي بكر بن عمر اللمتوني وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم، وهم من غير العرب؛ لكنهم نصروا الإسلام، وهناك أيضاً البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي وغيرهم من علماء المسلمين ليسوا بعرب.

والحق أن العرب وغير العرب جميعاً يجمعهم لواء واحد وعقيدة واحدة هي عقيدة الإسلام، وكلمة القومية العربية أو الاعتزاز بالعروبة وإلغاء غير المسلمين من العرب تلغي من قوام المسلمين أكثر من مليار مسلم، فعدد المسلمين في العالم مليار وثلاثمائة مليون مسلم، فالعرب يبلغون حوالي (٢٠٠) مليون مسلم فقط، والباقي من باكستان والهند وإندونيسيا ومن إفريقيا وغيرها من البلاد الواسعة التي تحدثنا عنها في دولة المرابطين، فالكثير من المسلمين غير عرب، فهم جند للإسلام، ولابد أن يندرجوا تحت لواء الإسلام الذي يجمع هؤلاء جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>