للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوْعُ السَّادِسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ: إِجَازَةُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ الْمُجِيزُ، وَلَمْ يَتَحَمَّلْهُ أَصْلًا بَعْدُ، لِيَرْوِيَهُ الْمُجَازُ لَهُ إِذَا تَحَمَّلَهُ الْمُجِيزُ بَعْدَ ذَلِكَ.

أَخْبَرَنِي مَنْ أَخْبَرَ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضِ بْنِ مُوسَى مِنْ فُضَلَاءِ وَقْتِهِ بِالْمَغْرِبِ، قَالَ: " هَذَا لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَايِخِ، وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْعَصْرِيِّينَ يَصْنَعُونَهُ "، ثُمَّ حَكَى عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ يُونُسَ بْنِ مُغِيثٍ قَاضِي قُرْطُبَةَ أَنَّهُ سُئِلَ الْإِجَازَةَ لِجَمِيعِ مَا رَوَاهُ إِلَى تَارِيخِهَا، وَمَا يَرْوِيهِ بَعْدُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَغَضِبَ السَّائِلُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا هَذَا، يُعْطِيكَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ؟ هَذَا مُحَالٌ! قَالَ عِيَاضٌ: " وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ".

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى هَذَا عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ بِالْمُجَازِ جُمْلَةً، أَوْ هِيَ إِذْنٌ، فَإِنْ جُعِلَتْ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الْإِجَازَةُ، إِذْ كَيْفَ يُخْبِرُ بِمَا لَا خَبَرَ عِنْدَهُ مِنْهُ. وَإِنْ جُعِلَتْ إِذْنًا انْبَنَى هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَصْحِيحِ الْإِذْنِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْآذِنُ الْمُوَكِّلُ بَعْدُ، مِثْلَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ. وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

وَالصَّحِيحُ بُطْلَانُ هَذِهِ الْإِجَازَةِ، وَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَرْوِيَ بِالْإِجَازَةِ عَنْ شَيْخٍ أَجَازَ لَهُ جَمِيعَ مَسْمُوعَاتِهِ مَثَلًا أَنْ

<<  <   >  >>