للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورَاً تَمْشُونَ بِهِ)) [الحديد: ٢٨] فالمؤمن الصحيح التوحيد يمشي في هذه الحياة بنور الحق، فيعرف مواقع أقدامه، والطريق الذي يسير عليه ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمَاً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)) [الأنعام: ١٥٣] لكن هذا المتذبذب لا يدري أين طريق النجاة، فهو متذبذب متردد بين التصديق والتكذيب والإقرار والإنكار فهو في حيرة دائمة؛ لأن الشك والحيرة عذاب، أما المؤمن فقلبه في نعيم، وكلامنا هذا في إنسان ينتمي للإسلام، أما الكافر فهو غارق في بحر الضلال والكفر، فليس عنده تفكير، وتردد بين حق وباطل وإقرار وإنكار وإيمان وكفر؛ بل عنده كفر خالص وإنكار دائم تام؛ لكن هذا الذي ينتمي للدين، ويدعي الإيمان، ولكنه لم يكن مستقيما مسلما مستسلما، فهذا الذي يحصل له ما يحصل من الاضطراب والقلق، فإما أن يعصمه الله ويثبته ويوفقه؛ فيثبت على الإيمان وينجو من هذه الوساوس والشكوك، وإما أن يقوى في قلبه سلطان الباطل؛ فيصير إلى الكفر دائما ولا يكون عنده تردد.

وقوله: (لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا، ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم، أو تأولها بفهم، إذ كان تأويل الرؤية ـ وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية ـ بترك التأويل، ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين).

هذا كأنه كلام معترض من قوله: (لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا فإنه ما سلم في دينه ... ) واسترسل في هذه الكلمات في التأكيد والحث على التسليم والاستسلام والتحذير من ضد ذلك، وبيان الآثار المترتبة على عدم التسليم والاستسلام، فكل هذا الكلام معترض في ثنايا كلامه في تقرير رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وبَيَّن أن من أثبت الرؤية على خلاف ظاهر النصوص، أو تخيل كيفيتها بوهم، أو تأولها بفهم، كما صنع المعطلة نفاة الرؤية، فلا يصح إيمانه برؤية المؤمنين لربهم.

<<  <   >  >>