للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه، وإضافة العرش والكرسي إليه تعالى من إضافة المخلوق إلى خالقه، وفي هذا تشريف للعرش والكرسي، وورد في السنة ذكر الكرسي، وأن العرش أعظم منه، كما في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة) (١)، فالكرسي عظيم وواسع، ومع سعته فالعرش أعظم منه.

وقد اختلف المفسرون (٢) في الكرسي المذكور في الآية فقيل: علم الله تعالى، وعلى هذا القول فلا يكون في الآية دلالة على إثبات الكرسي الذي هو شيء قائم بنفسه موصوف بسعته للسماوات والأرض.

وقيل: إن الكرسي هو العرش، وعلى هذا فليس هناك شيئان، فما هو إلا العرش.

وقيل: وهو الصحيح عن ابن عباس (٣)، والمشهور من مذهب أهل السنة أن الكرسي مخلوق عظيم، وهو موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى. (٤) وهذا أرجح الأقوال في تفسير الكرسي.

وبهذا يتبين أن العرش أعظم من الكرسي بكثير، كما يظهر ذلك من ورود النصوص بذكر العرش وتنوعها، والله سبحانه وتعالى هو العلي العظيم، هو


(١) رواه بن حبان (٣٦١) وانظر: السلسلة الصحيحة (١٠٩).
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٥٣٧ و ٥٣٩.
(٣) السنة لعبد الله بن أحمد١/ ٣٠١، وصححه ابن خزيمة في التوحيد ص ١٠٧، والحاكم ٢/ ٢٨٢، والضياء في المختارة ١٠/ ٣١١، وقال العلامة الأزهري في تهذيب اللغة١٠/ ٣٣: الصحيح عن ابن عباس في الكرسي: ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «الكرسي موضع القدمين، وأما العرش فلا يُقدر قدره». وهذه الرواية اتفق أهل العلم على صحتها، والذي عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار. وانظر: فتح الباري ٨/ ١٩٩.
(٤) انظر: أصول السنة ص ٩٦، والفتوى الحموية ص ٣٥١.

<<  <   >  >>