للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للخالق سبحانه ويقولون: إن المحبة هي محبة ثوابه، أو محبة طاعته، والمحبة عندهم لا تتعلق إلا بالمخلوق.

ومن المبتدعة من أثبت المحبة من جهة المخلوق، كالصوفية؛ فإنهم يبالغون في إثبات محبة المخلوق للخالق حتى يعبرون عن محبتهم لله بالعشق، وكذلك الفلاسفة يطلقون العشق على الله تعالى. (١)

والحق: ما دل عليه كتاب الله، ودلت عليه الفطر والعقول بأنه سبحانه وتعالى يُحِب ويُحَب؛ يحب ملائكته وأنبياءه والصالحين من عباده، كما أخبر تعالى بذلك عن نفسه، ويحبه أولياؤه كما في الآية التي جمعت بين الأمرين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)) [المائدة: ٥٤] وقوله تعالى: ((قل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)) [آل عمران: ٣١].

وكل صفة تثبت لله تعالى فليست مثل صفة المخلوق، فليس حبه تعالى كحبنا، وليس كلامه وتكليمه ككلامنا، والقول في بعض الصفات كالقول في بعض، فـ ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى: ١١] لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فكما أنه تعالى له علم لا كعلمنا، وسمع لا كسمعنا، فله محبة لا كمحبتنا، ورِضًا لا كرِضَانا.

وأما ما ذكره الشارح ابن أبي العز (٢) من الكلام في الخُلَّة، وقول الشاعر (٣):

قد تخللت مسلك الروح مني ... ولذا سمي الخليل خليلا

فهذا تفسير للخُلَّة التي هي صفة المخلوق، وكذلك قوله: (٤) إن


(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ١٣١، والرد على المنطقيين ص ٢٥٨ و ٣٥٩، ودرء تعارض العقل والنقل١/ ١٠٠ و ٢٣١ والرسالة الصفدية ص ١٢٥ و ٢٩٧.
(٢) ص ٣٩٦.
(٣) البيت لبشار بن برد في ديوانه ٢/ ٤٧٥.
(٤) ص ٣٩٧.

<<  <   >  >>