للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تحاجت النار والجنة، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس، وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ؟ فقال الله للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما مِلْؤُهَا) (١).

فهذا هو الحق الذي لا ريب فيه، والقول بأنهما لم تخلقا قول باطل مناقض لنصوص الكتاب والسنة.

قال العلامة ابن القيم في النونية:

يا سِلْعَةَ الرحمنِ لستِ رخيصةً ... بل أنتِ غاليةٌ على الكسلانِ

يا سلعة الرحمن ليس ينالُها ... في الألف إلا واحدٌ لا اثنان

يا سلعة الرحمن مَنْ ذا كفؤُها ... إلا أُولُو التقوى مع الإيمان

يا سلعة الرحمن سُوقُك كاسِدٌ ... بين الأراذلِ سِفْلَةِ الحيَوان

يا سلعة الرحمن أين المشتري ... فلقد عُرضتِ بأيسر الأثمان

يا سلعة الرحمن هل مِن خاطِبٍ ... فالمهرُ قبل الموتِ ذو إمكان

يا سلعة الرحمن كيف تَصَبَّرَ الْ ... خُطَّابُ عَنْكِ وَهُمْ ذَوُو إيمان

يا سلعة الرحمن لولا أنَّها ... حُجِبَتْ بكلِّ مَكَارِهِ الإنسان

ما كان عنها قطُّ مِن مُتَخَلِّفٍ ... وتعطلتْ دارُ الجزاءِ الثاني

لكنها حُجِبَتْ بكلِّ كَرِيهَةٍ ... لِيُصَدَّ عنها المُبْطِلُ المُتَوَاني

وتَنالَها الِهمَمُ التي تَسْمُو إلى ... رُتَبِ العُلَى بمشيئةِ الرحمن (٢)

والمسألة الثانية: مسألة فناء الجنة والنار، يقول الطحاوي: (لا تفنيان أبدا ولا تبيدان) بل هما باقيتان على الدوام.

فالجنة لا تفنى ونعيمها دائم، قال تعالى: ((أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا))


(١) رواه البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦) ـ واللفظ له ـ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) الكافية الشافية ٢٩٧.

<<  <   >  >>