للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدا ولا يضل أحدا؛ بل العبد هو الذي يتصرف في نفسه.

والطائفة الثانية: حكى قولهم ابن أبي العز في الشرح فقال: إن طائفة من أهل السنة ـ ولم يعينهم (١) ـ قالوا: (الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل) (٢)، وهذا غلط؛ فإن قولهم هذا يقتضي أن معنى قوله تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن: ١٦] اتقوا الله إذا اتقيتم الله، فلا تجب التقوى إلا على من اتقى، ولا يجب الحج إلا على من حج، وهذا ظاهر الفساد.

وقوله: (من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به).

التوفيق هو صفة الله تعالى يوفق ويهدي من يشاء، أما الاستطاعة فهي أثر هذا التوفيق، أما قوله: (الذي لا يوصف المخلوق به فهي مع الفعل) أي: الاستطاعة هي صفة للمخلوق لكن بمنح الله له، يمنحها من يشاء.


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من أطلق القول بأن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل فإطلاقه مخالف لما ورد في الكتاب والسنة وما اتفق عليه وما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها -كإطلاق القول بالجبر- وإن كان قد أطلق ذلك طوائف من المنتسبين إلى السنة في ردهم على القدرية من المنتسبين إلى الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة: كأبي الحسن، وأبي بكر بن عبد العزيز، وأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى، وأبي المعالي، وأبي الحسن بن الزغواني، وغيرهم، فقد منع من هذا الإطلاق جمهور أهل العلم كأبي العباس بن سريج وأبي العباس القلانسي، وغيرهما، ونقل ذلك عن أبي حنيفة نفسه، وهو مقتضى قول جميع الأئمة. مجموع الفتاوى ٨/ ٢٩٩.
(٢) ٦٣٣.

<<  <   >  >>