للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِي الحَدِيثِ كَانَ كَذُوباً».

- ومن تحريفات جولدتسيهر أيضاً في نفس المجال، اتِّهامه للإمام الزُّهْرِيِّ بأنه كان «مستعدا لأن يضع الأحاديث لبني أمية، وأن يَكْسُو رغبات الحكومة باسمه المُعْتَرَفِ به عند الأُمَّة الإسلامية، ولم يكن الزُّهْرِيُّ من أولئك الذين لا يمكن الاتفاق معهم، ولكنه كان ممن يرى العمل مع الحكومة،فلم يكن يَتَجَنَّبُ الذهاب إلى القصر، بل كان كثيراً ما يتحرك، في حاشية السلطان، بل إننا نجده في حاشية الحَجَّاجِ عندما ذهب إلى الحج، وهو ذلك الرجل المُبْغَضُ ... » الخ.

يريد بذلك أنْ يُوهِمَ القارئ أنَّ الزُّهْرِيَّ كان تابعاً لذوي السلطة، يجري في فلكهم ويستمتع بالقرب منهم، في مقابلة ما يؤدِّيه لهم من خدمات في تخصُّصه، أي العلم بالحديث، حيث يخترع لهم الأحاديث التي (تكسو رغبتهم ثوباً دينياً).

ولا يعنينا هنا تفنيد هذه التُّهم، فليس هذا مجاله (٢٤)، ولكن يعنينا أنْ نضع أمام القارئ الصورة البشعة لتحريف النصوص وتزييفها، بقصد تنفير الناس من الإمام (الزُّهْرِيِّ) أحد أعمدة السُنَّةِ وأركانها، فَالزُّهْرِيُّ لم يكن مع الحَجَّاجِ بن يوسف الثقفي في حاشيته حين حَجَّ، وإنما كان مع عبد الله بن عمر، حين اجتمع مع الحَجَّاجِ «وإليك النص على حقيقته كما ورد في " تهذيب التهذيب " لابن حجر: «أخرج عبد الر زاق في " مُصَنَّفِهِ " عن الزُّهْرِيِّ قال: كتب عبد الملك إلى الحَجَّاِج أَنْ اقْتَدِ بابْنِ عُمَر فى المناسك، فأرسل إليه الحَجَّاِج يوم عرفة: إذا أردت أَنْ تروح فآذِنَّا، فراح هو وسالم وأنا معهما، قال ابن شهاب: وكنت صائماً فلقيت من الحر شدة» فالزُّهْرِيُّ، إنما كان مع عبد الله بن عمر، حين اجتمعا بالحَجَّاِج [في الحج]، لا في معية الحَجَّاِج» (٢٥).


(٢٤) نحيل القارئ إلى الكتاب القَيِّمْ " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " لنابغة الدعوة والإسلام المرحوم الدكتور مصطفى السباعي من ص ١٨٧ - ٢٣٥ [وعنه أخذنا مادة هذه الفقرات عن تحريف جولدتسيهر].
(٢٥) الدكتور مصطفى السباعي: " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " ص ٢٢٣.

<<  <   >  >>